رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فتيل تفجير أكتوبر.. هل يشتعل من جديد؟

فوجئ أهالي جنوب الأحياء بمدينة السادس من أكتوبر منذ أيام بحشود بشرية، مدججة بالسلاح الأبيض والناري، يقومون باقتحام الشقق الخالية من السكان والاستيلاء عليها في مشهد مثير، مما عرَّض الأهالي لحالة فزع، خاصة في ظل انعدام الأمن بمدينة أكتوبر بالكامل.

ونشرت الصحف ووسائل الإعلام خبر اقتحام البلطجية واستيلائهم بالقوة علي مناطق بأكملها، ومع سقوط كل وحدة سكنية كان الأهالي يشعرون بسقوط القانون وهيبة الدولة معاً، واستمرت الأزمة لأكثر من ثلاثة أيام مرت علي الأهالي بثلاثة عقود من الزمن، حيث توقفت فيها كل أمورهم المعيشية بعدما حبسوا أنفسهم داخل الغرف للحفاظ علي أطفالهم الذين فارقهم النوم من فرط الخوف والفزع الذي أصابهم.
وفي ساعة الصفر التي لم يتوقعها أحد فوجئ السكان بتشكيلات عسكرية من الجيش والشرطة، ظهرت فيها المصفحات ووسائل التسليح الحديثة والمتطورة، وكان أروع ما في المشهد تلاحم ضباط وجنود الجيش والشرطة مع ملاحظة غيبة السادة الأفاضل «أمناء الشرطة» عن هذه الملحمة الرائعة التي استقبلها سكان المنطقة بالزغاريد والرقص والفرح، كان مشهداً مهيباً أعاد للقانون سيادته وللدولة هيبتها، لذا وجب توجيه تحية إجلال لرجال الجيش والشرطة الشرفاء.
انتهت الأزمة تقريباً.. ولكن في اعتقادي أنها نهاية مؤقتة.. إما إن كانت هناك رغبة صادقة لإنهاء هذه الأزمة وحتي لا يعود الفتيل للاشتعال فتأكل النيران الأخضر واليابس بمدينة السادس من أكتوبر، علينا أن نقف قليلاً عند هؤلاء «الغزاة» أو «البلطجية» كما تم وصفهم.
هؤلاء الناس خليط من أماكن مختلفة بالقاهرة القديمة والدويقة ومنشأة ناصر الذين تعرضت بيوتهم للانهيار فوق رؤوسهم أو تم إخراجهم منها بقرارات إزالة، ولدواعي الدعاية للنظام السابق بأنه رحيم بالفقراء والمحتاجين، قام وزير التعمير بتخصيص مساحة من الأرض بمدينة السادس من أكتوبر، حدها الغربي طريق الواحات البحرية، وحدها الشرقي منطقة المقابر.. ورغم فساحة الصحراء قام الوزير المسجون حالياً أحمد المغربي بتحديد مساحة الشقة بأربعين متراً مربعاً لكل أسرة.. أي أن مساحتها تعادل نفس المساحة المخصصة لمقبرة الفقراء بنفس المكان لأن مقبرة الأغنياء في هذه المنطقة لا تقل عن ثمانين متراً، فضلاً عن فقدان الخدمات الصحية والتعليمية والمواصلات.. وكان الوزير في كل لقاءاته يؤكد أنه بذلك قد أخرجهم من النار وأدخلهم فسيح الجنة!.. من الآخر قالت لهم الدولة «عيشوا مع أنفسكم»، ماذا يفعل هؤلاء الناس الذين تم إبعادهم عن مصادر رزقهم التي كانت تدر عليهم بضعة قروش يقاومون بها مصاعب الحياة.. وبعد أن أصبح الوصول لمصادر الرزق أمراً مستحيلاً لارتفاع تكاليف المواصلات بل وانعدامها بمدينة أكتوبر بالكامل التي فشلت في حلها كل الحكومات المتعاقبة في النظام السابق

رغم أنها مشكلة تحلها «العالمة باشا» إن أرادت، ولم يقف الحال عند هذا الحد بل إن النظام السابق قدم العديد من هذه الوحدات السكنية هدية وهبة للعديد من البلطجية الذين أخلصوا له في تقديم الخدمات سواء في الانتخابات أو تصفية الحسابات مع الخصوم، فنصب هؤلاء البلطجية أنفسهم حكومة لهذا المكان فاضطر بعض السكان للانسياق «كرهاً» تحت سطوة حكومة المكان وانساق البعض الآخر وراءهم تحت سطوة الحاجة للقمة العيش التي افتقدوها.
بينما ظل عدد كبير منهم في حالة مقاومة دائمة وتحدٍ قاس لمصاعب الحياة فعمل الرجال باليومية في أي عمل مهما كان تدنيه من أجل حياة شريفة، بينما خرجت الزوجات والفتيات لتقديم الخدمات في صناعة المخبوزات أو أعمال نظافة العمارات القريبة، بل وذهب الصبية للعمل علي التكاتك وإن كانت هذه المهنة سبباً لانحراف الكثير منهم أو تعرضهم لمخاطر القتل من أجل سرقة «التوك توك».
هذا هو وضع الناس الذين يقطنون علي مقربة من مسجدي عماد راغب والحصري.. ولماذا هذان المسجدان تحديداً؟.. هذان المسجدان خصصا صناديق لجمع التبرعات من أموال الزكاة والأضاحي لنجدة المسلمين في السودان والصومال وفلسطين وغيرها من بلاد المسلمين، وهو عمل عظيم ورائع وجدير بكل الاحترام، لذلك أتمني تضافر القائمين علي هذين المسجدين مع الجمعيات الخيرية والأهلية المنتشرة بكثافة بمدينة السادس من أكتوبر وكذلك مع رجال الأعمال لدراسة مشكلات هذه الأسر وتقديم الحلول المناسبة لها.. كذلك علي الدولة القيام بدورها لاستمرار فرض القانون وسيادته وتثبيت هيبة الدولة بعد تكرار حوادث القتل من أجل السرقة ولم يتم الكشف عن مرتكبي الجريمة في أي حادث منها حتي الآن.. أما ترك هذا الوضع كما هو عليه يعد إشعالاً لفتيل تفجير أكتوبر بالكامل!
[email protected]