رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فلسفة الثورة بين الحكومة والقوي السياسية

تحدثنا من قبل أن الفرضيات الشائعة عن العسكريين في السياسة أن السبب الذي يحتاج إلي تفسير واضح هو كيف تنشأ مشاركتهم السياسية وحاولنا الاجابة عن التساؤلين الجوهريين وهما: لماذا وتحت أي ظروف يحتمل إلي حد كبير أن يشتغل العسكريون بالنشاط السياسي المقبول دستوريا؟..

ولماذا وتحت أي ظروف يحتمل إلي حد كبير أيضاً أن يساند العسكريون أو يعارضون - تماماً أو بعض الشيء - السلطات المدنية؟..
انطلاقاً من تاريخ المؤسسة العسكرية المصرية الوطني وبعدها عن الانقلابات المتتالية التي تتسم بها معظم المؤسسات العسكرية في دول العالم الثالث وأيضا اختلاط الملامح العسكرية بالملامح المدنية طوال الستة عقود الماضية من يوليو 1952 وانفراد الجيش بالسلطة السياسية تشاركا أو تزاوجا مع طبقة من الفنيين التكنوقراط.. إلا أن الوضع إبان ثورة 25 يناير قد اختلف شكلاً وموضوعا بل ومضموناً في علاقة المؤسسة العسكرية أولاً بالثورة التي اندلعت في الخامس والعشرين من يناير وثانياً بتكلفتها بإدارة شئون البلاد وثالثاً في عدم وجود قيادة سياسية ثورية أو علي الأقل قيادة بديلة وجاهزة لإحلالها محل النظام السياسي ما قبل الثورة ورابعا التباس مفهوم الثورة ذاته سواء من مفجريها وطلائعها وممن أيدوها ودعموها أو من المؤسسة العسكرية التي ساندت الثورة منذ خروج قواتها إلي الشارع بمعني أن الثورة تقوم علي مقومين أساسيين أولهما القضاء أو هدم نظام قديم سابق وثانيهما إقامة نظام جديد.. ونظام هنا يعني ليس استبدال أفراد بأفراد أو قيادة بقيادة، وإنما فلسفة بفلسفة وتوجه بتوجيه، بمعني هل تقوم أو تندلع ثورة بلا أهداف حقيقية قابلة للتحقيق؟ أي أن الهدف الرئيسي لاي ثورة هو استبدال فلسفة نظام «سياسة اقتصادية - اجتماعية» بفلسفة اخري، بمعني ان تقوم ثورة علي نظام سياسي واقتصادي شمولي واستبداله بنظام سياسي متعدد واقتصادي منفتح أو تقوم ثورة علي نظام رأسمالي منفتح سياسيا واقتصاديا واستبداله بنظام اشتراكي مثلاً.. أو ان تقوم ثورة دينية علي نظام علماني مدني أو ان تقوم ثورة علمانية مدنية علي نظام عسكري أو نظام ديني ثيوقراطي وهكذا.. وإلي ملامح الفلسفة الجديدة هو وضع خريطة طريق لاهداف هذه الفلسفة الجديدة للثورة الجديدة.. بآليات سياسية ودستورية محددة المعالم بهدف الوصول لبناء نظام سياسي جديد ولذلك كانت المعارك والاشتباكات الاولي لمرحلة ما بعد الثورة رغم افتقاد القيادة السياسية المنظمة للثورة كانت حول الدستور أولاً أن الانتخابات البرلمانية والتي حسمت لصالح الاخيرة بتدخل الطرف الفاعل في المعادلة الذي يدير شئون البلاد وهو المؤسسة العسكرية بالتشاور مع خبراء قانونيين ودستوريين وربما سياسيين للوصول إلي هذه الصيغة من خلال تعديلات دستورية محددة اعقبها اعلان دستوري هو السائد حتي هذه اللحظة.. وبذلك تاهت بعض الشيء، أو تأجلت ملامح الفلسفة الجديدة للثورة الوليدة ولا ندرك بالضبط ملامح النظام السياسي الجديد ومدي اختلافه مع القديم حول طبيعة النظام السياسي وتوجهاته الاقتصادية والاجتماعية وغيرها..
هنا نأتي إلي دور العسكريين في المعادلة.. أولاً فالمرحلة الراهنة بناء علي كل ما تقدم تفضي إلي تشابك الأمور.. فالمجلس الأعلي للقوات المسلحة يدير البلاد باعتبارين اولهما انه ينوب عن القوات المسلحة والمؤسسة العسكرية صاحبة التاريخ الوطني العسكري المشرف وثانياً أنه البديل السياسي عن غياب القيادة الثورية لثورة 25 يناير والتي كان من المفترض أن تكون بديلاً جاهزاً بعد الثورة مباشرة بفلسفة واضحة كما اشرنا.
وبغض النظر عن الملابسات العديدة والتحديات الهائلة نتيجة لتداخل الرؤي السياسية وتخبط القوي السياسية التقليدية او القديمة او التي كانت ضمن سياق النظام السياسي القديم سواء بمفاهيم اصلاحية او ثورية وبين عدم وضوح الرؤي للقوي السياسية الجديدة الوليدة لثورة يناير، وسواء تعددت القوي السياسية ما بين مدنية باشكال مختلفة «ليبرالية - يسارية - قومية أو بين قوي اسلامية باشكال متباينة أيضاً»، «اخوان -وسط - سلفيين» فقد منحت كل هذه التشابكات دوراً وعبئاً اضافياً، مما فرض أمراً واقعاً وهو ان ينوب المجلس العسكري عن كافة القوي السياسية بالتشاور حينا وفرض رؤاه احيانا في وضع خريطة الانتقال او العبور من المرحلة التي تسمي انتقالية وهو بالادق «فراغ السلطة السياسية» إلي مرحلة بناء النظام الجديد اولا من خلال انتخابات مؤسساته التشريعية والدستورية والرئاسية.. ونظراً لأنه لا يوجد بديل حتي هذه اللحظة فلابد من الرضوخ لهذه الرؤية حتي ولو لم تكن المثالية نظراً لعدم وضوح فلسفة النظام الجديد والتي ستتحدد بعد كتابة الدستور المرشد لهذه الفلسفة الجديدة.. لذا فمهما كان التحفظ السياسي علي اداء المجلس العسكري في ادارة شئون البلاد والاصرار علي حكومة ضعيفة غابت عن الرؤية السياسية لطبيعة المرحلة ولم تحدد اولوياتها بدقة رغم ان رئيسها جاء من فوق اعناق ميدان التحرير.. الا انه لابد من الان تكاتف مجموع الاطراف «المجلس العسكري وحكومته» وكافة القوي السياسية لعبور الفترة الانتقالية حتي لا يكون المشهد الفوضوي العام هو سيد الموقف..
Email: [email protected]