رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الثورة لم تغير ثقافة وسلوكيات الشعب؟!

مما لاشك فيه ان سقوط نظام الرئيس مبارك بهذه الطريقة الدراماتيكية والسريعة بعد اندلاع ثورة يناير المجيدة ، كان درسا ربانيا وعبرة لمن أ راد ان يعتبر

ويتعظ. فقد اراد الله سبحانه وتعالى ان تكون النهاية هكذا وبهذه الطريقة وسبب الاسباب. واذا كان النظام قد هوى بكل اركانه بغض النظر عما يتردد عن فلول وخلافه، وانتهت حقبة سوداء من تاريخ مصر ، وسيكون المستقبل افضل بأذن الله الا ان المراقب للاوضاع فى مصر منذ اندلاع الثورة وتنحى مبارك عن الحكم وحتى الان ، يعتريه اليأس والاحباط بعد ان راوده الامل فى تغيير الانماط السلوكية وثقافة الشعب ورؤيته للامور وطريقة تفكيره.

والمؤسف ان الثورة اسقطت النظام الحاكم وقضت عليه تماما ، الا ان الشعب مازال يعيش بنفس الافكار ونفس السلوكيات وكأن شيئا لم يحدث سوى اننا ازحنا مجموعة من الاشخاص الذين كانوا يسيطرون على مقاليد الامور وبقى كل شىء كما هو . ويمكن ان تلحظ ذلك ببساطة وسهولة اذا اضطررت الى الذهاب الى اى مصلحة حكومية لقضاء حاجة او حتى مجرد ختم ورقة .

فموظف الحكومة لا يزال هو نفسه ذاك الموظف الذى ظل 30 عاما يقهر المواطنين باساليب البيروقراطية والرشوة "وفوت علينا بكرة يا سيد" وغيرها من الانماط التى اصابت الناس بالاحباط والاكتئاب واليأس . فالجهاز الادارى للدولة بكل وزاراته ومديرياته واداراته وهيئاته ودواوين محافظاته لم يتغير على الاطلاق بل ربما زاد سوءا .

وليت الامر مرتبط باستمرار نفس السلوكيات بل انه لم يتم نقل او اقالة حتى مسئولا واحدا او حتى موظفا صغيرا من موقعه فى معظم الجهات الحكومية . فقد استمر اللصوص من وكلاء الوزارت ورجال الصف الثانى والثالث ورؤساء المدن والقرى فى مواقعهم يسرقون ويرتشون ويعطلون مصالح الجماهير .

ولعل ابسط مثال على ان الثورة لم تصل الى هؤلاء ، بقاء رؤساء الشركات القابضة والتابعة فى مواقعهم وهم الذين افسدوا الحياة العامة والاقتصادية فى مصر ، بل انه يتم التجديد لهم وزيادة حوافزهم ورواتبهم ليزدادوا فسادا . واذا كان الكبار الذين يقبعون حاليا فى السجون هم الذين قادوا عملية افساد الاخلاق والسلوكيات وكل مظاهر الحياه العامة فى مصر ، فأن ادواتهم من رجال الصف الثانى والثالث لا يزالون يمارسون دورهم بشكل طبيعى دون اى تغيير وكأن شيئا لم يحدث فى ميدان التحرير.

فالثورة لم تصل اليهم ويبدو انها لن تصل . وقبل ان نحمل الحكومة

الحالية المسئولية على انها لم تقم بعملية تطهير واسعة لقطع الجذور والفروع فى اروقة ودواوين الوزارات والهيئات والمديريات والشركات ، فأن اللوم هنا على المواطنين انفسهم . فقد كان متوقعا ان يعدل الشعب من سلوكياته وافعاله وانماط معيشته تلقائيا وان يدرك ان شيئا ما قد حدث ولابد من التغيير .

فهذا الموظف او هذا المدير هو قبل كل شىء مواطن يتأثر بما يحدث حوله ويتفاعل معه . فلا يمكن للحكومة ان تغير سلوكيات الملايين من هؤلاء الموظفين او انها تطيح بهم وتأتى باخرين ولكن الطبيعى ان يعدل كل موظف من سلوكياته .

واذا كان الحديث بشكل اكبر عن الموظفين بمختلف درجاتهم فى الجهاز الادارى لدولة ، فأن ذلك لا يعنى ان المواطن العادى بعيدا عن المسئولية ، فالسلوكيات العامة فى الشارع لم تتغير بل ازدادت سوءا واصبحت الكلمة العليا لاصحاب السيوف والخناجر والبلطجية والصوت العالى والكل يبحث عن مصلحته الخاصة دون اى اعتبار للمصلحة العامة . 

وحتى لا يتهمنا احد بأننا ننظر للامور بنظارة سوداء ، فأن هناك تغيير نوعى فى بعض السلوكيات وهناك فئات كثيرة من المجتمع تتعامل بروح جديدة واسلوب مختلف بعد الثورة ، الا ان الصورة لا تزال قاتمة  ويبدو ان الامر قد يستغرق وقتا طويلا حتى يحدث التغيير الاهم والثورة الحقيقية فى عقول المواطنين وبالتالى تتغير السلوكيات والثقافات والافكار وعندها يمكن القول ان مصر يتتغير ، لأنه لا نهضة ولا تقدم بدون تغيير فى السلوكيات والافكار وليس تغيير الحكام والسياسات. فالتغيير دائما يبدأ من اسفل اى من عند الشعب وليس مجرد ان تزيل الرؤؤس.