رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل ذهبت أرواح الشهداء هباء؟

ما دفعني للحديث عن البلطجة اليوم، رغم أنها أصبحت خبراً وزاداً يومياً في حياة المصريين الآن، هو ما جرى لابنة الزميل العزيز محمد الغيطي، وهي النجمة الشابة الموهوبة ميار، إن ما حدث لميار لهوان أليم وصادم بكل المقاييس،

عندما هاجم مجموعة من البلطجية سيارتها في مدينة 6 أكتوبر وقاموا بضربها وإيذائها وسرقة سيارتها دون أي وجود للشرطة أو قوات الأمن، لينتج عن حادث الاعتداء جروح وخدوش وكسر في ساقها وأظن أن جراحها النفسية أشد وأقسى من جروحها الجسدية.
قلبي مع ميار الغيطي وأسرتها ودعائي لها بالشفاء العاجل.
لقد ابتلينا بالبلطجية قبل سنوات وقد أفرزتهم الانتخابات السابقة وحيتان الحزب الوطني ومباحث أمن الدولة، حتى قيل إنهم تحولوا الى ما يشبه الميليشيات يصل عددهم لنصف مليون بلطجي.
وما جرى من بلطجية النظام السابق في حرق أقسام الشرطة ومديريات الأمن أثناء الثورة، يؤكد خطورتهم وامتلاكهم السلاح الذي تضاعف بما غنموه من الأقسام ومديريات الأمن التي نهبوها قبل حرقها، بل قيل في هذا الخصوص إن بعض أقسام الشرطة في بدايات الثورة سهلت للبلطجية إحراق الأقسام ومديريات الأمن لإحداث انهيار أمني لوأد الثورة في مهدها، خاصة مع اختفاء رجال الشرطة وقتها، وترك الوطن للبلطجية لمعاقبة الشعب المصري كله على ثورته.
بعدها توالت أحداث البلطجة التي لم تشهد لها مصر مثيلاً من قبل وتكرر إحراق بعض أقسام الشرطة، وبعد قيام الثورة بشهور لمجرد أن ضابطاً ألقى القبض على مجرم أو بلطجي، وفي أغلب الأحيان كان الأمر يتم دون عقاب أو القبض على الجناة، وكأن الدولة صارت عاجزة عن مواجهتهم.
أحداث قليلة أثبتت فيها الداخلية همتها ضد البلطجية مثل حادث سرقة سيارة بسمة وأحد قيادي الاخوان، وهي أحداث لها طابع إعلامي ورأي عام - ومن هنا كان تحرك الداخلية لتقبض على الجناة، وكأنها تثبت قدرتها على التعامل مع البلطجية عندما تريد ذلك!!
وكان التهديد الأخير لفلول النظام السابق باستخدام البلطجية وإشعال حريق في مصر كلها إذا ما تم استبعادهم من الانتخابات القادمة وتطبيق قانون الغدر عليهم، هذا الاعلان الذي أكد بما لا يدع مجالاً للشك ارتباط فلول النظام بالبلطجية.
أما آخر وأسوأ الاحداث التي ارتكبها البلطجية فكان في ماسبيرو الذي ارتكب فيه التليفزيون المصري خطأ قاتلاً بمناشدته المصريين الشرفاء لحماية الجيش ممن يهاجمونه من الأقباط فهب للتدخل آلاف البلطجية الذين هاجموا الجيش وجموع المتظاهرين من أقباط ومسلمين خرجوا معهم في مظاهرتهم السلمية التي احتوت على نساء وأطفال مسلمين وأقباط!
وقد يبدو الأمر وكأن هجوم البلطجية كان وليد اللحظة استغلالا للموقف غير أن الهجوم المنظم لآلاف البلطجية وتوزيع أنفسهم في أماكن محدودة وبنظام خاص أشبه بالطوق لمحاصرة المتظاهرين يؤكد أن هناك يداً خططت لهم وحركتهم في نظام شيطاني لا يمكن أن يكون وليد الصدفة.
فهناك من بدأ المناوشات باستقبال مسيرة الأقباط في نفق شبرا بالحجارة والزجاجات، ومنهم من استقبلهم في ماسبيرو بعد دقائق من وصولهم بالأسلحة النارية والحجارة والسيوف، ومنهم من استقبل بقايا المتظاهرين الهاربين من جحيم ماسبيرو في ميدان التحرير وقصر العيني وأسفل كوبري 6 أكتوبر، وشهد شارع قصر العيني عشرات من البلطجية من راكبي الموتوسيكلات لمطاردة بقايا المتظاهرين تحت سمع وبصر الأمن.
وأسوأ ما جرى يوم الأحد الدامي هو مجموعة من البلطجية كانت تستوقف أي عابر في محيط ماسبيرو لتسأله عن ديانته، فإن كان مسيحياً كان مصيره الضرب والسحل، في مشهد يذكرنا بما جري في لبنان أثناء الحرب الأهلية!!.
وفي ظني أن أخطر من يخطط له من يديرون شئون البلطجية في مصر من بقايا النظام السابق هو استغلالهم كأداة لصب الزيت على نيران الفتنة الطائفية، فهو الملف الأكثر سخونة واشتعالا الآن على الساحة وهو الخطر المهيأ لإحراق الوطن بمن فيه، فإن لم نتنبه لذلك الخطر الآن فهل نتنبه له بعد خراب مالطة؟!
ويتبادر الى ذهني سؤال مهم، بعد وقائع المؤتمر الذي عقده المجلس الأعلى

للقوات المسلحة بخصوص ما جرى في ماسبيرو يوم الأحد الدامي، ونفى فيه المجلس العسكري قيام الجيش بإطلاق رصاصة واحدة على المتظاهرين، ومن قلبي أتمنى أن تكون هذه هي الحقيقة غير أن شواهد كثيرة تؤكد عكس ذلك، وأن هناك من يريد تعتيم الحقيقة، حتى ينسى المصريون أو يتناسوا مع كل احترامي لقواتنا المسلحة فخر هذا الوطن وحاميه.
وسؤالي هو أين ذهبت فوارغ الطلقات التي أطلقت على المتظاهرين ولماذا لم يتم تحريزها لمطابقتها مع الرصاصات التي حصدت المتظاهرين ولإثبات أي نوع من الأسلحة قد أطلقت منها، هل هي بنادق الجيش أم هى بنادق وطبنجات استخدمها آخرون؟!
فأسلحة الجيش وتسلح أفراده من البنادق معروف ويسهل مطابقته مع فوارغ الطلقات، فلماذا اختفت تلك الفوارغ - وهي بالمئات - ومن أخفاها؟!.
وسؤال آخر لمسئولي المستشفى القبطي لماذا حاولوا فبركة تقارير طبية غير حقيقية عن الشهداء الذين نقلت جثامينهم للمستشفى؟ وكان ما كتب في التقارير الطبية عن الشهداء أن الوفاة ناتجة عن سحجات وكدمات؟ ولولا ثورة أهالي الشهداء ما أعيد كتابة التقارير لتثبت أن الوفاة كانت إما بالرصاص أو بالدهس تحت المدرعات؟!
وعودة الى محافظ أسوان وهو بالمناسبة من محافظي ما قبل ثورة 25 يناير ولم تطله يد التغيير، لسبب لا يدريه أحد، بالرغم من أن الأحداث أثبتت فشل المحافظ في إدارة شئون محافظته التي كاد يشعل فتنة فيها، فقبل شهور أوعز محافظ أسوان للقبائل العربية في أسوان أن النوبيين يريدون اقتطاع أرض لهم من المحافظة على حساب أراضي القبائل العربية هناك وأنهم ممولون من الخارج لتحقيق أهدافهم، وكادت الفتنة تشتعل بين أبناء المحافظة لولا أن تداركت الحكومة الأزمة وأطفأت نيرانها، ثم جاء ادعاء المحافظ الأخير أن كنيسة المريناب لا وجود لها وأن تراخيصها مزورة، بل وزاد في قوله في أحد البرامج إن الأقباط أخطأوا في إقامة الكنيسة وأن الخطأ تمت إزالته بأيدي المسلمين في القرية!!
فأي استعداد لابناء الوطن من مسلمين ومسيحيين أكثر من ذلك، وأي تغييب متعمد لدور الدولة والقانون ليبادر مجموعة أشخاص بتطبيق القانون من وجهة نظرهم ما دام المحافظ سعيداً بذلك ليسقط ضحية هذا المحافظ بعد ذلك خمسة وعشرون شهيداً، فماذا تنتظر حكومة شرف أكثر مما فعله محافظ أسوان لمحاسبته وإقالته؟ وهل هو استمرار لسياسة العناد السابقة أم هو نوع من المزيد من صب الكحول على جروح هذا الوطن؟ أم أن شيئا لم يتغير من سياسة الحكومة لا قبل الثورة ولا بعدها، وأن أرواح ليس شهداء ماسبيرو وحدهم.. بل شهداء ثورة يناير قد راحت هباء في هذا الوطن؟!