رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نوبل.. أنف وثلاث عيون

أحد أسرار جائزة نوبل هو أنك لا تعرف من الفائز حتى ولو أعلنت اللجنة فى استكهولم الاسم لذلك لأن معايير اختيار المرشحين أو الفائزين فى معظم الأحيان لا تتبع المنطق أو الشهرة أو الإنجاز، خاصة فى مجالات الأدب والسلام وهما أشهر جوائز نوبل لارتباطهما بالحياة اليومية وبالمجتمع والمثقفين والإعلاميين ورجال السياسة ونسائها طبعاً.

وفى عام الكوارث البيئية والاقتصادية والسياسية وذلك الربيع العربى الذى أطاح بعدة طغاة وحطم أنظمة ديكتاتورية فى تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا وقسم السودان وهز أركان دول الخليج العربى وغير من ثوابت الحكم السعودى وها هو العام يأبى ألا ينصرف إلا والاضطرابات تسود حتى بلاد الحرية والديمقراطية، ففى وول ستريت نموذج مصغر لمشهد ميدان التحرير وثورة الكادحين ضد الرأسمالية المتوحشة وذلك الظلم الاجتماعى والبطالة وعدم عدالة توزيع الثروة ولكأن طباخ السم يجب أن يذوقه!!
جائزة نوبل فى الأدب هذا العام ذهبت لشاعر وأستاذ علم نفس وعازف بيانو شبه مشلول وعاجز عن الكلام بطلاقة إثر أزمة صحية ونفسية، فالسويدى توماس كرانسترومر صاحب عدة دواوين شعرية بعضها ترجم إلى الإنجليزية فقط قد حصل على جائزة نوبل فى الآداب لعام 2011 كأول سويدى يحصل عليها فى مجال الشعر والأدب منذ عشرات السنين، وعلى الرغم من أن أعماله ليست مترجمة إلى لغات عدة، وعلى الرغم من أنه غير معروف فى الأوساط الثقافية سواء الأوروبية أو الشرقية إلا أن توماس فاز بالجائزة وهو بعيد كل البعد عن دائرة الضوء السياسى والاجتماعى والإعلامى لأن أعماله الشعرية تبحث فيما وراء الطبيعة وتغوص فى أعماق النفس البشرية وأسرار الكون فى لغة شعرية مكثفة وغنية بالصور والرمز والخيال الشعرى أكثر منها تناقش قضايا مجتمعية أو سياسية وهذا منحى جديد لاختيارات فائزى جوائز نوبل فى الآداب بوجه عام ولكن تلك إرادة الأكاديمية السويدية ولجانها المختصة.
جائزة نوبل فى السلام
أما جائزة نوبل للسلام فقد حصدتها ثلاث نساء اثنتان من أفريقيا وواحدة من آسيا وبلاد اليمن السعيد فلقد اقتسمت هذه النسوة جائزة نوبل فى السلام رغم أنف جميع الرجال الذين أنفقوا أعمارهم ونظرياتهم ولجانهم فى الحديث عن السلام والأمن والحرية والتقدم فى العالم أجمع، وكانت كلمة اللجنة ومبرراتها لمنح هذه النساء تلك الجائزة هى أبلغ تقدير لمكانة ودور النساء فى صنع عالم جديد، «إننا لن نستطيع تحقيق الديمقراطية والسلام فى العالم إلا إذا حصلت المرأة على ذات فرص الرجل وذلك حتى تؤثر فى تنمية وتقدم جميع مستويات المجتمع»، من منطلق تلك العبارة نستطيع أن نفهم لماذا حصلت «إلين جونسون سيريلف» أول رئيسة ديمقراطية منتخبة فى ليبيريا ومعها شريكتها

«لمية جلوى» وهما من أسستا جمعية نسائية لمحاربة الفرقة والصراع والحرب الأهلية فى عام 2003 وكانت رسالتهما السلام والأمن لأطفال بلديهما دون النظر إلى صراعات القبائل بسبب الدين أو العرق ولقد نجحتا معاً فى إطفاء نيران الحرب الأهلية فى ليبيريا بل واستطاعت «إلين» أن تفوز بمنصب أول رئيسة منتخبة لجمهورية ليبيريا الحرة.
أما «توكل كرمان» ذات الـ32 ربيعاً فإنها مؤسسة حركة صحفيات بلا قيود فى عام 2005 واستطاعت أن تقف فى وجه حكم الديكتاتور «على عبدالله صالح» وتعرضت للتهديد بالقتل والحبس وهى أم لثلاثة أطفال ومع هذا تحدت مجتمعها وكشفت عن وجهها لتتواصل مع فكرة الحرية وحق التعبير عن الرأى لأنها كائن حر وكامل وصالح الأهلية الفكرية، وتعد «توكل كرمان» أول امرأة عربية تحصل على جائزة نوبل للسلام منذ نشأة تلك الجائزة، وفى هذا بداية لعهد جديد للمرأة على مستوى الوطن العربى ودورها فى المرحلة المقبلة لتغيير وجه وخريطة المجتمع العربى بكل عاداته وتقاليده وموروثه الفكرى وتوجهه السياسى ومعتقده الدينى المرتبط بالعادات أكثر منه المتصل بصحيح الدين والفكر المنطقى السليم.
لهذا فإن أنف إحسان عبدالقدوس وعيونه الثلاث، كن يسبحن فى فلك الرجل الدون جوان الذى لم يجد فى أى منهن ضالته المنشودة، أما أنف نوبل فهى لشاعر مغمور حصل على جائزة نوبل فى الآداب ربما لأنه سويدى وربما لأنه شاعر خيالى فلسفى، أما نساء نوبل الثلاث فهن مناضلات فى سبيل الحرية والسلام والعدل لم يسبحن فى فضاء رجل واحد وإنما حلقن فى سماء المجتمع بكل طوائفه من أجل حياة أجمل لأطفالهن ومجتمع آمن لمستقبل وطنهن ونجحن فى أن يعبرن حاجز الأسر النسائى لرحاب الفضاء الإنسانى.
متى تصل الرسالة إلى عقول مازالت تربط الأنف بالعيون وملحقاتها.