رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

دمعة المحرومين من الحج يمسحها الأمل والدعاء والصدقات


أكد الدكتور محمد المهدي،‮ ‬أستاذ الطب النفسي‮ ‬بجامعة الأزهر،‮ ‬أن كل مؤمن صادق‮ ‬يشعر بحنين هائل إلى زيارة الأراضي‮ ‬المقدسة،‮ ‬وهو حنين مودع في‮ ‬القلوب بأمر خالقها استجابة لدعوة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام‮ "‬واجعل أفئدة من الناس تهوي‮ ‬إليهم‮"‬،‮ ‬فالأفئدة منساقة محبة وشغوفة ومتعلقة بهذه الأرض الطيبة،‮ ‬يملؤها جلال البيت الحرام بمكة وجمال الحضرة النبوية في‮ ‬المدينة المنورة‮.‬

أضاف أن تلك المشاعر الفياضة تزداد لدى أولئك الذين عقدوا النية على الذهاب وادخروا أموالهم على مدى السنين استعدادا لهذه الرحلة التي‮ ‬طالما حلموا بها،‮ ‬فإذا تصورنا أن شيئا ما حال بينهم وبين أداء هذه الفريضة كبعض الأحداث الطارئة،‮ ‬فلنا أن نتصور كيف تكون التأثيرات في‮ ‬نفوس من تشوقوا واستعدوا وحلموا برحلة العمر ولحظة الميلاد الجديد وأمل المغفرة مما تقدم من الذنوب وفرحة النظر إلى الكعبة ونورانية الجلوس في‮ ‬الروضة الشريفة بجوار أغلى الأحبة‮.‬

وحول ردود الأفعال المحتملة والمتوقعة للمحرومىن من الحج،‮ ‬أكد الدكتور المهدي‮ ‬في‮ ‬مقال بموقع‮ "‬أون إسلام.نت‮" ‬أن فريقا منهم قد‮ ‬يسلم بأمر الله وهم‮ ‬يعلمون أن هذا قدره سبحانه،‮ ‬وأن نيتهم واستعدادهم‮ ‬يعطي‮ ‬لهم أجر الحج‮ (‬وإن كانوا حرموا متعته‮) ‬ويسألون الله أن‮ ‬يهيء لهم الحج في‮ ‬الأعوام القادمة‮.‬

وهناك فريق ثان قد‮ ‬يشعر بالحزن والأسى على الحرمان من فرصة العمر،‮ ‬وقد تستعيد ذاكرته مواقف من حياته حرم فيها من أشياء كان‮ ‬يتطلع إليها بينما كان قاب قوسين أو أدنى منها،‮ ‬وقد‮ ‬يشعر بأنه قليل الحظ في‮ ‬أمور الدنيا وحتى في‮ ‬أمور الآخرة،‮ ‬وهذا الفريق معرض لاجترار مزيد من الأحزان وقد‮ ‬يصاب بالاكتئاب‮.‬

وفريق ثالث قد تراوده فكرة أنه حرم من الحج لأنه لا‮ ‬يستحقه بسبب ما ارتكب من خطايا وموبقات في‮ ‬حياته،‮ ‬وكأن الله لم‮ ‬يقبل نيته ولم‮ ‬يتقبل سعيه،‮ ‬ورد له قربانه كما رده لقابيل،‮ ‬وهنا تتزايد مشاعر الذنب وتحقير الذات،‮ ‬وقد‮ ‬يصل الأمر إلى الشعور باليأس والإصابة أيضا بالاكتئاب النفسي‮. ‬

وفريق رابع قد‮ ‬يشعر بالغضب من التعليمات التي‮ ‬منعته من الحج ويصرخ محتجا في‮ ‬وجه من حرموه ذلك‮: "‬لماذا تحرمونني‮ ‬وأنا لا تهمني‮ ‬مسألة الصحة أو المرض فقد تجاوزت هذا الخوف التافه وأنا ذاهب وأتمنى أن ألقى الله على هذه الأرض الطاهرة المطهرة‮".‬

وهناك فريق خامس قد تصيبه صدمة فلا‮ ‬يشعر بشيء على الإطلاق،‮ ‬ويعيش حالة من الإنكار وكأن شيئا لم‮ ‬يحدث‮.‬

أما الفريق السادس فيعيش شعائر الحج ويزور المشاعر المقدسة في‮ ‬أحلامه وهو نائم وفي‮ ‬خياله وهو مستيقظ،‮ ‬فالحلم والخيال ملكتان نعوض بهما ما فاتنا في‮ ‬الواقع‮.‬

بينما الفريق السابع قد‮ ‬يفكر في‮ ‬التحايل على القوانين والنظم والتعليمات ليتمكن من السفر وذلك من خلال بعض الوساطات أو تغيير في‮ ‬بعض الأوراق،‮ ‬وهو‮ ‬يبرر لنفسه أن ذلك جائز له بما أنه‮ ‬ينوي‮ ‬خيرا‮.‬

وفريق ثامن‮ ‬يشعر بالخجل من الناس،‮ ‬وقد‮ ‬يشعر بالشماتة ظاهرة على وجوه بعض كارهيه،‮ ‬وكأنهم‮ ‬يرددون‮: "‬إنك لا تستحق الحج بما فعلت في‮ ‬حياتك‮.. ‬وهاهي‮ ‬علامة سوء خاتمتك‮ ‬يضعها القدر على جبينك بما كسبت‮ ‬يداك‮".‬

وأخيرا الفريق التاسع الذي‮ ‬يشعر بخيبة الأمل في‮ ‬حرمانه من لقب‮ "‬الحاج‮" ‬والذي‮ ‬يعني‮ ‬في‮ ‬بيئته ومجتمعه التفخيم والتعظيم‮.‬

تجاوز الصدمة

وأشار د‮. ‬المهدي‮ ‬إلى أن واجب المجتمع التخفيف من محنة المحرومين من الحج لتجاوز الصدمة،‮ ‬من خلال عدة أشياء،‮ ‬منها‮:‬

بيان الحكم الشرعي‮ ‬في‮ ‬ذلك بواسطة علماء دين ثقات لهم مصداقية عند الناس،‮ ‬مستندين في‮ ‬ذلك إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم والذي‮ ‬يقرر أنه إذا نزل الطاعون بأرض فلا‮ ‬يدخلها أحد ولا‮ ‬يخرج منها أحد،‮ ‬وهذا الحديث‮ ‬يشكل قاعدة شرعية للحجر الصحي‮ ‬للتقليل من آثار انتشار الأوبئة،‮ ‬وأن أي‮ ‬تعليمات‮ ‬يصدرها ولاة الأمر في‮ ‬هذا الشأن واجبة الاتباع،‮ ‬وأن من حرم الحج بسبب خارج عن إرادته فإنه‮ ‬يأخذ ثواب الحج‮ (‬وإن كانت الفريضة لا تسقط طالما ظل حيا مستطيعا‮). ‬هذه المفاهيم الدينية تصحح من أفكار الناس الذين حرموا الحج وتضع الأمور في‮ ‬نصابها فتنضبط أفكارهم وبالتالي‮ ‬مشاعرهم وسلوكياتهم‮.‬

وكذلك مناقشة الأفكار السلبية التي‮ ‬تدور بأذهان هؤلاء الناس حتى لا‮ ‬يقعوا في‮ ‬هوة الشعور بالذنب وتحقير الذات والاكتئاب خاصة أن هذه السن لديها قابلية عالية للإصابة بالاكتئاب‮.‬

وأيضا فتح أبواب بديلة لفعل الخيرات كالصدقة والسعي‮ ‬في‮ ‬مصالح الناس ورعاية الفقراء والأيتام مع بيان أن كل أبواب الخير تصب في‮ ‬النهاية عند رضا الله تعالى،‮ ‬وأن الله قد‮ ‬يفرغ‮ ‬الإنسان من شيء ليسخره في‮ ‬شيء آخر‮.‬

وكذا فتح باب الأمل أمام كل من حرم من الحج هذا العام،‮ ‬فالأمور تتغير والأحوال تتبدل،‮ ‬وما حال دون حجه هذا العام قد‮ ‬يزول في‮ ‬أي‮ ‬وقت،‮ ‬وما عليه إلا أن‮ ‬يحتفظ بالنية الصادقة والجاهزية للذهاب حين تفتح الأبواب‮.‬

وأخيرا الدعاء المستمر بالتيسير للحج،‮ ‬إذ لا توجد عقبة أمام دعوة صالحة صادقة مخلصة‮. ‬وأخيرا لا‮ ‬ينسى المحرومون من الحج أن الكون كون الله،‮ ‬وأنهم وسائر مخلوقاته جنود له سبحانه‮ ‬يضعهم حيث‮ ‬يشاء وقتما‮ ‬يشاء كيفما‮ ‬يشاء،‮ ‬وأن الخالق العظيم الرحيم وضع قاعدة ذهبية تحمي‮ ‬النفس البشرية من الضعف والزلل والسقوط حين تريد شيئا ويحدث شيء آخر،‮ ‬تلك هي‮ ‬قاعدة‮: "..... ‬وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ‮ ‬شَيْئاً‮ ‬وَهُوَ‮ ‬خَيْرٌ‮ ‬لَّكُمْ‮ ‬وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ‮ ‬شَيْئاً‮ ‬وَهُوَ‮ ‬شَرٌّ‮ ‬لَّكُمْ‮ ‬وَاللّهُ‮ ‬يَعْلَمُ‮ ‬وَأَنتُمْ‮ ‬لاَ‮ ‬تَعْلَمُونَ‮" (‬البقرة‮: ‬216‮)‬‭ ‬