عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كيف نُغيّر الناس!

هذا حديث المكاشفة، لا أخجل أن أفتحه، ولا أتردد أن أتناوله، لأن خفض الطرف عن القبح لا يزيل القُبح، وتجاهل الظلام لا يبدده.

الأخلاق فى محنة، سخف جم، وقلة ذوق طاغية تلوح من حولنا، لسنا خير أمة ونحنُ كسالى، متواكلون، وتقليديون، لسنا متحضرين ونحنُ نُسفه كبارنا ونتحرش بالنساء، ولا نُقدم يد العون لمن نقدر، لسنا صاعدين ونحن ننام أكثر مما ينبغى، ونعمل أقل، ولا نُمارس الإتقان إلا بصيصاً.
لسنا عظماء ونحن نعقد كُل صباح «مكلمة» حول «كليب فاضح» ودعوى إثبات نسب فى عالم الفن، وألفاظ بذيئة تنقلها الشاشات.
نحن فى حاجة إلى هبَّة، ثورة، انتفاضة، تصحيح مسار فى سلوكيات وأخلاق الناس، وهو ما لن يتحقق بمجرد الكلام والكتابة والخطابات الرنانة، وإنما بممارسات القدوة ومبادرات القادة، لأن الشعوب مُغرمة بتقليد قادتها، وكما يقول شاعرنا الراحل عبدالرحمن الأبنودى «العباد على دين ملوكها، فى عقائدها وسلوكها».
وليس أدل على ذلك ما ذكره المؤرخ الشهير ابن الأثير فى تاريخه الكامل من أن الخليفة الوليد بن عبدالملك بن مروان كان يهتم بالبناء والعمران وتشييد القصور، فكان الناس يتبارون فى بناء عمائر فخمة وعظيمة، ولما جاء الخليفة سليمان بن عبدالملك بعده كان جُل اهتمامه المآدب الفاخرة والأطعمة المتنوعة والباذخة، لذا فقد كان الناس يسرفون فى الأطعمة والموائد حتى صارت دمشق أشبه بمطعم كبير، لكن عندما جاء بعده عمر بن عبدالعزيز فقد تغير الأمر لأن الرجل كان مشهورا بالزهد والعبادة، وصار الناس يتنادرون بينهم عن الأوراد وقيام الليل وصيام التطوع.
وهكذا، فإن الناس تسير خلف قادتها مُقلدة، وكانت بدايات الرئيس عبدالفتاح السيسى مُبشرة عندما بدأ بنفسه مُستغلاً الشعبية المكتسبة بدافع من

تصديه للإخوان وتحقيقه أحلام الناس، فأطلق مبادرة الاستيقاظ مُبكراً للعمل أكثر وسارع بعض الوزراء بتقليده، لكن الفكرة خبت بعد أيام قلائل، مرة أخرى أعلن الرئيس تبرعه بنصف ما يملك ونصف دخله لدعم اقتصاد مصر، وسارع كثير من الفقراء وأصحاب الدخول المتوسطة بتقليده، لكن تحويل رجال الأعمال المبادرة إلى «مولد» مَن وأذى على مصر أخمد الفكرة تدريجياً.
وفى مُبادرات عديدة حاول الرئيس أن يقدم القدوة على السلوك الحسن والأخلاق الطيبة عندما زار بنفسه السيدة التى تعرضت للتحرش بميدان التحرير، وعندما شارك فى احتفالات الكنيسة المصرية بعيد الميلاد، وعندما استقبل سيدة عجوزاً فقيرة تبرعت للاقتصاد المصرى.
مثل تلك النماذج، أكدت أن تغيير سلوك الناس وتصرفاتهم تستلزم مواقف مثالية من القيادة، ليس على مستوى الرئيس وحده، وإنما على مستوى كافة المسئولين.
لا يجب أن تتوقف مبادرات السلوك القويم، والأخلاق الطيبة، والتضحية، وحب العمل، لأن اللحظات الراهنة التى يلتف فيها غالبية الشعب حول قيادته ربما لن تطول، فى ظل هموم ومشكلات الحياة اليومية.
ننتظرها فى مساندة الفقراء، واحترام المرأة، وتشجيع البحث العلمى والابتكار، والحد من البذخ والإسراف.
والله أعلم.


[email protected]