رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جزئرة مصر!

بقع حمراء، رصاص طائش، اعتقالات عشوائية ، ظلم وظلام، وضحايا أبرياء. كانت تلك جزائر التسعينيات حين سقط مائتا ألف قتيل بأيدى أبناء البلد فى سنوات عشر أطلق عليها « العشرية الحمراء»، وامتدت من 1991 الى 2001.

كانت زوجتى طفلة صغيرة عندما جرت مذعورة تحت وابل رصاص لا تعلم مصدره وشاهدت كمائن فى كافة الشوارع تفتش فى عقائد المواطنين السياسية وتحكم بالاعدام على كل من يخالفها. وربما كانت أكبر قليلا عندما اخبروها ان خالها القيادى  بجبهة الانقاذ الاسلامية قتل بعد حفلة تعذيب فى قسم الشرطة . وحتما كان عليها ان تغادر مع أسرتها الى القاهرة بعد حملة اعتقالات مخيفة  طالت جميع أفراد عائلتها.

هناك كان العسكر متسلطين. رفضوا نتائج الانتخابات البرلمانية، وسنوا سكاكينهم، وأجبروا الرئيس الشاذلى بن جديد على الاستقالة وأداروا  شئون السياسة ليلقوا الجزائر فى بئر مظلمة سنوات طويلة. 

كانت العصابات المسلحة تهبط على القرى ليلا  لتذبح جميع الرجال وتغتصب السيدات فى سادية نادرة تنفيذا لأوامر محمد العمارى وخالد نزار وجنرالات فرنسا الذين كانوا يسيطرون على الجيش الجزائرى، وإلصاق  الجرائم بالإسلاميين.

وقتها ردت جبهة الانقاذ بانشاء جيش مسلح لمواجهة تلك العصابات ، لم يلبث أن فقدت  السيطرة عليه واتجه أفراده الى استهداف المفكرين والمبدعين من ذوى التوجهات العلمانية والانتقام من كل من يلبس زيا شرطياً. وسالت الدماء انهارا وأخذ الأخ بذنب أخيه، وقتلت الزوجات قهرا لزوجاتهم، وتوقفت حركة

البناء والعمران وعادت الجزائر الى القرون الوسطى. 

ويوماً ما حكى لى المعارض الجزائرى على بلحاج ما جرى وهو يبكى دماء الابرياء وأرواح الانقياء فى صراع القوة والحق .  كان العسكر طامعين وقاهرين ولا أخلاقيين  وساديين ، وعندما قرروا المشاركة فى اللعبة السياسية لم تخسر سوى الجزائر التى أبدلت لونها الاخضر بالأحمر، وطبيعتها الجذابة بمشاهد الفزع والروعة. 

استعر الصراع شرسا بعد أن أتت الديمقراطية بالاسلاميين الى مقاعد السلطة ، وكانت ردود الافعال دموية الى أن شاء الله أن يتبنى  الرئيس بوتفليقة المصالحة الوطنية وعمل على تعويض أسر الضحايا ليطوى صفحة هى الأسود فى تاريخ الجزائر.

وإذا كان البعض فى مصر يحذرنا من سيناريو مشابه لما جرى فى الجزائر استنادا لرصاصات تخوين واتهامات متبادلة بين بعض القوى السياسية والمجلس الاعلى للقوات المسلحة ، فإنه ما لاشك فيه أن العسكر المصرى ليس كالعسكر فى الجزائر كما أن الشعبين مختلفان تماماً.. والله أعلم.

mostafawfd@hotmail.com