رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طريق رستم غزالة

الدرس الإلهى واضح لمن يقرأ أو يعتبر، لكن الذين ينافقون لا يفقهون. مَن أعان ظالما أو طاغية سُلط عليه، ولكم فيما جرى للواء رستم غزالة رئيس الأمن السياسى بالجيش السورى عظة وعبرة.

أخيرا أسلم الرجل روحه بعد شهرين من الموت السريرى نتيجة ضرب مُبرح تعرّض له على يد رجال اللواء رفيق شحاتة رئيس الأمن السورى التالى له. وقالت القصة الرسمية أن «غزالة» تشاجر مع «شحاتة» بسبب رغبته فى القتال ضد الارهابيين رغم كبر سنه، وهو ما وصل إلى ضرب بعضهم بعضا، إلا أن مُراقبين أجانب يرون أن «غزالة» تعرّض للتعذيب الشديد رغبة فى إسكاته إلى الأبد باعتبار أنه أحد خزانات الاسرار السورية.
وسواء صح ذلك أو صحت رواية دمشق، فإن الرجل الذى كان يوصف بأنه دراكولا قتل ببرود وبلا ثمن ليعرف الذين يتسابقون للعق أحذية الطغاة أنهم لاشىء، وأنهم يرسمون مصائرهم المُخزية دون دمعة حزن أو كلمة رثاء.
قبل سنوات كان رستم غزالة رجل الفزع والرعب فى بيروت. كان مُجرد ذكر اسمه كفيلاً ببث الرعشة فى نفوس المطلوبين. عُرف عن الرجل دمويته الشديدة، وتفننه فى ابتكار وسائل مُستحدثة لاستنطاق الضحايا، واستعداده لكُل عمل خسيس لإرضاء سادته.
فى بلاد أُخرى وأزمان مُغايرة كان مصير أعوان الظلمة أشد وأقسى. فى مغرب الملك الحسن كان الجنرال محمد أو فقير قاتلا باردا يستعذب تصفية خصوم النظام بنفسه بخنجر صغير ليموتوا ببطء. فى الستينيات قضى الرجل بعنف وارهاب على انتفاضات الريف المغربى، ثُم تتبع الثوار داخل وخارج بلاده ليقتلهم بسادية. وفى اكتوبر 1965 اختطف مباحثيون تابعون لأوفقير الزعيم الشعبى المهدى بن بركة فى باريس واقتادوه إلى منزل كان الجنرال الدموى ينتظر فيه وتم تعليقه فى السقف حسبما ذكر أحد رجال الأمن التائبين فيما بعد وبدأ أوفقير يُقطع من جسده قطعة قطعة حتى مات خلال

ثلاثة أيام. بعد ست سنوات من الحادثة استدعى الملك الحسن، خادمه أوفقير إلى القصر الملكى مُتشككا فى تورطه فى محاولة اغتياله بسلاح الجو الملكى وهو عائد بطائرته من باريس، وأطلق عليه خمسة رصاصات ثُم صدر بيان بانتحاره.
فى مصر كان الوضع أقل دموية وإن كان المصير واحدا. اعتبر المُعتقلون خلال عهد ناصر كلا من اللواء حمزة البسيونى واللواء صلاح نصر، والفريق شمس بدران أدوات قهر وقمع وتعذيب. وعندما وقعت الهزيمة حاول عبد الناصر التطهر على حسابهم فحولهم إلى المُحاكمات، ثُم أُفرج عنهم ليعانوا العزلة ونظرات الاحتقار والكراهية.
مات رستم غزالة تحت الضرب كما كان يقتل ضحاياه. وقبله انسحق أعوان الظلمة وخدمهم بأيدى سادتهم كأنهم لاشىء. لاشىء.
رغم ذلك، ورغم قصص السابقين فإن هُناك نفوس جُبلت على الصغار، ورسمت سلالم صعودها بالتحريض على الخصوم والمساهمة فى تصفيتهم بأحقر وأحط الأساليب. مازال هؤلاء بيننا يُفضلون طريق رستم غزالة وأوفقير وصلاح نصر.
فليكن، لكن فى يوم ما ستنعقد المُحاكمة الأعدل. يلتقى القاتل والقتيل ليتحاسبا. يقول خدم الطغاة القتلة لسادتهم: إنا كنا لكم تبعا، فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار، فيرد الملوك والزعماء: إنا كل فيها. إن الله قد حكم بين العباد.
والله أعلى وأعلم.

[email protected]