رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«وداونى بالتى كانت هى الداءُ»

تلفُنا الأكفان، وتحتضننا غابات القُبح. منطقتنا مُستعرة، مُظلمة، ممزقة الأوصال. كورم سرطانى مُمتد يأكل جسد الأمة الإسلامية رويدا، فنُعيد السؤال الأكثر تكرارا «هل نحنُ خير أُمة أُخرجت للناس؟».

نصوص من القُرآن والسنة تُستخدم لذبح الآخر، وأنهار من الدم تتدفق تحت رايات نصرة الدين. فكرة الجهاد تحولت إلى قتل عبثى لكُل مَن يختلف دينا أو فكرا أو توجها. استحلال الأموال والممتلكات أصبح عقيدة كُل مّن يحمل لقب «إسلامى» حتى صار الإسلام نفسه مُرادفا للكراهية والعنف فى كثير من دول العالم.
داعش تتمدد، تتسع، تجذب كُل يومٍ أنصارا جُدداً. تؤسس مملكة تسميها «مملكة الله» وكُل ما سواها ممالك شياطين وكُفر، ودعاة الدين يحدثوننا عن السماحة والرحمة والرفق ويكتفون بأن كُل ما يجرى من قتل وذبح وسلب تشويه لدين الله.
لا جديد فى الفعل المُستند على نصوص دينية، ولا جديد فى ردود أفعال علماء الإسلام. لكن المُذهل أن كلام الدواعش يُدرس فى الجامعات الدينية فى كثير من الدول العربية باعتباره رأيا من الآراء الفقهية. فى جامعة الأزهر مثلا يدرس الطلبة فى كتاب لفقيه قروسطى اسمه أبوشجاع أن «الجزية تُعطى من الكتابى (المسيحى أو اليهودى) على وصف الذل والصِغَار ويقولون له: أعط الجزية يا عدو الله».
ويدرس طلبة  الثانوية الازهرية أيضا كتابا باسم «الشرح الصغير» يقول نصا: «وله - أى للمسلم- قتل الزانى المحصن، والمحارب، وتارك الصـلاة، ومن له عليه قصاص، وإن لم يأذن الإمام فى القتل، لأن قتلهم مستحق، ثم بعد ذلك يأكل منه ما يشاء».
وفى السعودية يدرس الطلبة فى كتاب «التوحيد» للشيخ محمد بن عبد الوهاب عن المتصوفة أنهم «بنوا الأضرحة على القبور، والله أباح دماء هؤلاء ومالهم وأهلهم لأهل التوحيد وأن يتخذوهم عبيدا لهم».
ويدرسون أيضا فى مجموع «فتاوى ابن باز» ردا على سؤال

حول تصريح بعض المسئولين بأنهم يحترمون الأديان الأخرى قوله «هذا الكلام يخالف صريح الكتاب العزيز والسنة المطهرة، ويخالف العقيدة الإسلامية، فقد دل الكتاب والسنة وإجماع المسلمين أنه يجب على المسلمين أن يعادوا الكافرين من اليهود والنصارى وسائر المشركين، وأن يحذروا مودتهم واتخاذهم أولياء.»
وفى باكستان سنجد كُتب أبى الأعلى المودودى بأفكارها الموازية لفكر سيد قطب التفكيرى هى الأساس الذى  يقوم عليه التعليم الدينى.
أليس غريبا أن يُسمح بتبشيع الإسلام وتفريخ الارهاب فى أهم البلاد بالمنطقة حربا على الإرهاب؟
لقد كتبت مرارا أن مواجهة الإرهاب لا يمكن أن تقتصر على المُطاردات والمُلاحقات الامنية والتصفية، وإنما تبدأ من التعليم الدينى الذى مهما زعم وكلاؤه بأنه بخير لا يمكن أن نُصدقهم. إننا فى حاجة لاستبعاد فتاوى واجتهادات القرون الوسطى تماما، محوها محوا، نسيانها كأن لم تكن، ما دام لدينا كتاب الله وسنته الصحيحة لنُعيد الاجتهاد والقراءة بروح الألفية الثالثة.
لا وقت للكراهية، ولا مُبرر لأدلجة الذبح، فى عالم يخطو كُل يوم نحو القمر، ويُفتش عن كُل ابتكار واكتشاف فيه خير للبشرية . بالإسلام الحقيقى يُمكن مواجهة الإسلام المُزور. ورحم الله أبا نواس عندما قال «وداونى بالتى كانت هى الداءُ».
والله أعلم.

[email protected]