رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يا شيوخ الأمة : حطموا أصنامكم

أظن ــ وليس كل الظن اثما ــ  أن اصلاح الاقتصاد المصرى يبدأ باصلاح الفكر الدينى . تلك الموروثات العتيدة التى حفظناها وآمنا بها وسرنا فى مداراتها عقودا دون تدبر أو تفكر . ركام ثقيل من مقولات مبتورة عن  كراهية الدنيا ، والانغماس فى الزهد ، والفرار من النعمة ، والابتعاد عن الغنى ، وكأن الدين سوط عذاب لبنى البشر .

لم يكن الدين حجر عثرة أمام تقدم الشعوب وتحضرها وتنميتها ، غير أن الفهم المغلوط للدين كان سببا فى الترويج للزهد ، والرضا بالفقر ، وعدم السعى وراء الرزق أينما كان . اقرأوا اذا أردتم ما شاع وذاع عن دخول الفقراء للجنة قبل الأغنياء  بخمسمائة عام ، وتمنى بعض السلف أن يبعثوا مع زمرة المساكين ، والحديث المنسوب للنبى عن كون الدنيا سجن المؤمن ، وجنة الكافر .
كل هذا فى ظنى لا علاقة له بالأديان السماوية التى جاءت لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ومن الظلم إلى العدل ، ومن الفقر إلى العيش الهانئ. تذكروا قوله تعالى : « وقال استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا  ويمددكم بأموالٍ وبنين  ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهارا ».
تحت لافتات الزهد المتطرف توقفت كثيرا من الأيدى عن العمل ، وباسم التوكل على الله سكنت كثير من النفوس عن السعى نحو الرزق ، وبعبارات الارهاب والتخويف من الثراء رضت عقول عدة بما لديها من مال ولم تسع لمضاعفته وتنميته . وكان النتاج أن شعوبنا العربية والاسلامية لم تبتكر ولم تتطور ولم تقدم ما يفيد البشرية علما أو اقتصادا أو فكرا .
إن الله يمنح الانسان القدرة على التغيير ، والتطوير ، والنمو ، والسعى لكن البعض يقبع ساكنا معتبرا أن الله قدر له الفقر وعليه أن يرضى فلا يُغيّر أو يتغير .
يحكى لنا الشيخ محمد الغزالى ـ رحمه الله ـ   أنه كان يجلس  يوما على شاطئ  البحرالمتوسط بالساحل الجزائرى عندما لفت نظره صياد بسيط يصطاد السمك فى صبر وهدوء. نظر « الغزالى «إلى الرجل باهتمام ولاحظ أنه  اصطاد بعد اقل من ساعة 

سمكة كبيرة ، فوضعها فى حقيبته وقام واقفا ليعود  إلى أهله ، وهو ما استفز الشيخ فاقترب منه الرجل وسأله : لماذا تنصرف؟ رد الرجل : لقد حصلت على رزقى وهو يكفى لليوم . فقال له الغزالى : أنت تصنع رزقك . ما ضرك لو جلست ثلاث ساعات أخرى واصطدت ثلاث سمكات وبعتها وكان رزقك أكبر .
إن الاسلام لا يقف حاجزا أمام التنمية والثراء والانتاج وكثير مما يسوق لنا  من ارهاب وتخويف للثراء تحت لافتات دينية هو  مجرد مقولات بشرية تخص أصحابها . لقد أبهرنى الدكتور أحمد عمارة استاذ الصحة النفسية وهو يناقش ويحاور بعلم ومنهج وأدب شيوخا وسلفيين حول عدم صحة بعض المنقولات لنا من احاديث  قيل عنها نبوية لورودها فى كتاب البخارى .
من هُنا أتصور أن دور علماء الامة هو القائد  فى تنقية التراث من أحاديث كراهية الدنيا ، وتحويل كل نعمة إلى فتنة ، والترغيب فى  الفقر، والترهيب من الثراء ، ومقولات تشجيع اللاعمل والتواكل ، فضلا عن حكايات لا حصر لها علمها لا يفيد وجهلها لا يضر مثل القول بان سيدنا موسى فقأ عين  ملك الموت ، أو وجوب رجم القرد الزانى .
التقدم صعب والتنمية تحتاج الي تحرير حقيقي للعقول ، والدين أكثر ما يؤثر فى الامم والشعوب فجددوه بتحطيم أصنام  من صنع البشر تصطدم بنصوص القرآن وتخالف العقل والمنطق .
والله أعلم .
[email protected]