عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«سأخون وطنى»

رحمه الله. ما عاش ما عشنا، وما رأى ما رأينا. شهد النكسة فمات نفسيا، وشهد انهيار القيم فمات مكتئبا، لكنه لم يشهد إحراق علم مصر . لم يتصور صلاح جاهين يوما أن يخرج من أضلعنا من يشعل النار فى عَلم بلده . لم يتخيل الشاعر المجنون بالمحبة أن يأتى زمان على بلاده تُلعن فيه، ويُكفّر أهلها، ويكتب بعض من يحملون جنسيتها ببنط عريض «طظ فيها» قولا وفعلا.

بحب مجنون كتب صلاح جاهين: «مصر النسيم ف الليالى وبياعين الفل/ ومراية بهتانة ع القهوة أزورها وأطل/ القى «النديم» طل مطرح مأنا طليت/ وألقاها برواز معلق عندنا ف البيت/ فيه القمر مصطفى كامل حبيب الكل/ المصرى باشا بشواربه اللى ما عرفوا الذل/ ومصر فوق ف الفراندة واسمها جولييت/ ولما جيت بعد روميو بربع قرن بكيت/ ومسحت دمعى بكمى ومن ساعتها وعت»، وبجهل وغل وكفر بالوطن أمسك أحدهم فى مظاهرة علم مصر وأضرم فيه النيران،  كعدو كريه لأرض طيبة، كخائن لبلاده يفتح أبوابها للغزاة المحاصرين، كناكر جميل يحوّل الخير إلى شر، ويرد الحسنة بالسيئة.
هل كان يدرى ذلك المناضل المُغيّب أنه أطلق رصاص الكراهية على مصطفى كامل وسعد زغلول وعرابى؟ هل يعلم أنه طعن غدرا نجيب محفوظ وأم كلثوم وصلاح جاهين؟ هل يعرف أنه انضم بذلك الفعل إلى خاير بك، وحسن بن مرعى، وخنفس الذين سلموا مصر للأعداء نظير مال أو نفوذ؟ ملعونة كل الايدلوجيات التى تُسقط الوطن، ولا رحمة على الذين ادعوا أن الوطن هو وطن الدين والعقيدة.
لا يعنينى ما هى توجهات الفاعل. إخوان أو اشتراكيين ثوريين أو غيره. لا يعنينى ما هى مبرراته، فالفعل ذنب أكبر يوجب سحب

الجنسية، والحدث جُرم عظيم يساوى الخيانة.
إن علم مصر ليس قطعة قماش فقط . ليس راية تشجيع فى المباريات، وليس مجرد راية تُنكّس فى الحداد وتُرفع فى النصر، إنها روح وجمال ومجد ومعنى وكرامة وتاريخ وتضحية وفداء وخلود.  
قبل أربعين عاما كان هناك رجال يحتضنون العلم ويموتون عليه. شاب مصرى  مجند اسمه محمد العباسى كان يسابق الريح نحو تراب غال عزيز وبيدين سمراوين كان يحتضن علم مصر وعندما غرسه بأرض سيناء بكى فرحا وطء قدميه حبات رمال مصرية اختطفت ووجبت عودتها. كانت النيران تُصب صبّاً على العابرين، وكانت القذائف تُوزع الموت على صناع التضحية، لكن «العباسى» لم يتراجع، لم يخف، لم يترك العلم.
فأيها الوطن: لا تبك بعض بنيك فهم ليسوا ببنيك. ورحم الله محمود درويش الذى كتب: «وطنى»: إنّا ولدنا وكبرنا بجراحك/ وأكلنا شجر البلّوط/ كي نشهد ميلاد صباحك/ أيّها النسر الذي يرسف في الأغلال من دون سبب/ أيّها الموت الخرافي الذي كان يحب/ لم يزل منقارك الأحمر في عيني/ سيفا من لهب/ وأنا لست جديرا بجناحك/كل ما أملكه في حضرة الموت/ جبين وغضب»! لذا فاغضبوا.

[email protected]