رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر التى لا يعرفونها

يقول الشاعر سعد العبدلى عن القاهرة: «هذه المدينة لغز، رغم أنك ستتعب حتى تجد أى سحر فيها، ستجردك هى من قدرة الرحيل. والناس فيها لا يجيدون شيئاً أفضل من البقاء ملتصقين بها كالأطفال».

فى السفر افتقدها. بسخونتها وزحامها وضوضائها وحزنها وهمموم أبنائها. بذلك الضجيج المتواصل والصراع الدائم بين القوة والحق، والحرب الصاخبة بين الأمة والحكومة. بتلك المقاومة التى لا تنتهى للقبح، والأمل المتسع لغد أجمل.
كنت فى رحلة عمل لأمريكا، وكانت مصر حاضرة فى كل شارع، وفندق، ومطعم، وتاكسى. كنت أقول إننى من مصر فتبتسم الوجوه إجلالاً وتنحنى الهامات احتراماً.
مصر أكبر مما تتخيلون، وأعظم مما تتوقعون. حضارة هى الأعظم، ومكانة هى  الأعلى، وريادة هى الأبقى. لذا لا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر بعظمتها من الذين قالوا إنا وطنيون ثم أحنوا الرؤوس أمام العاهل القطرى.
لا يضيرك الذين يفرّطون فى ترابها شرقاً لأهل غزة، وجنوباً لإخواننا السودانيين، فهم لا يعرفون عدد من سكب روحه فداء لهذا الثرى.
لا يحبطك الذين يهبطون بها إلى الجهل والتعصب والتطرف وضيق الأفق.
لا يقهرك الذين يفرّعنون حاكمها ويؤلهونه ويخلعون عليه أوصاف الأنبياء والصحابة ولا يريدون نقداً لسوء ولا إنكاراً لباطل.
لا يعنيك الذين لا يرونها ولا يعترفون برابطة لأبنائها. أولئك الذين ختم الشيطان على قلوبهم، فصار لديهم الماليزى كالمصرى، والغزاوى أولى من الصعيدى.
تندهشون تندهشون عندما تعلمون أن سائقى التاكسيات، وعمال السكك الحديد، وموظفى

الفنادق، والعاملين فى محلات الملابس، ورواد المقاهى والمطاعم فى أمريكا قلقون على مصر. على حالها، ومستقبلها، وطبيعة الفصيل الذى يستحوذ عليها ولا يعترف بها.
تندهشون تندهشون عندما أكرر لكم عبارة سائق باكستانى أقلنى نحو الفندق تقول: «أنتم لا تعرفون معنى مصر. وحكامكم يجهلون ما يحكمون».
تندهشون عندما تسألنى مصرية مسنة لم تر بلدها منذ 23 سنة إن كان الناس فى مصر مازالوا يبتسمون كما كانوا أم لا!
أتساءل مع صديقى الشاعر محمد الماغوط فى أسف: «هل أنا فى وطن بحاجة إلى حدود أم حدود بحاجة إلى وطن؟».
أخجل أن أجيب وأستغرق فى التذكر وأستعيد التاريخ وأتمثل الحضارة فيعود لوجهى بريق الأمل. لقد احتل الهكسوس مصر ثلاثمائة عام ولم تتهكسس، واستولى عليها البطالمة ولم تتطبطلم، وبقى فيها الفاطميون قرنين كاملين ولم تتشيع، وغزاها نابليون بعساكره ولم تتفرنس، وأقام فيها الإنجليز سبعين عاماً ولم تتجلنّز. لذا فإنها لن تتأخون.. والله أعلم.
[email protected]