رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«السلفنة» فى المنيا

يتمددون فى الظلام، ويتوغلون فى جسد مصر كالسوس النشط. يخرجوننا من النور إلى الظلمات، ويكفّروننا صباح مساء.
ليسوا سلفيين، وإنما بدويون يحرضون على الكراهية، ويحضّون على التشدد، ولا يرون فى الاسلام سوى اللحية وتعدد الزوجات. ليسوا سلفيين وانما عبدة للنصوص، يكفرون بالعقل ولا يجتهدون مع نص.

حلالنا حرام عندهم،ودولتنا كافرة أوفى أدنى التعبيرات فإنها معذورة بالجهل.
كان السلف الصالح محبا للمجتمع، ساعيا لخدمته، يدعو الى سبيل الله بالحكمة والرقة واللين، ولا يجادل الناس الا بالتى هى احسن.
أقول ذلك بمناسبة ما جرى فى الاسبوع الماضى فى المنيا. لقد أزعجتنى أغنية لم تكتمل، وصدمنى حفل لم يتم. كانت فرقتا «ايد فى ايد» و«من قلب مصر» قد رتبتا حفلا غنائيا للحض على الوحدة الوطنية، والترنم بحب الوطن. وافق المحافظ على الحفل، وشاركت النخبة السياسية والثقافية بالمنيا، وبعد دقائق أطلّت الوجوه العابسة والايدى القاسية لتوقف الحفل لأنه يحض على المحبة بين المسلمين والمسيحيين وهو ما لا يؤمنون به. وقف من يسمون أنفسهم بـ«الدعوة السلفية» محتشدين متوعدين ليمنعوا الناس من المشاركة فى الحفل بالقوة.
آثر الجميع السلامة، وقالوا سمعا وطاعة للجماعة السلفية التى رفضت اقامة الحفل، وارهبت منظميه، وشككت جمهوره فى الفن والجمال والوطنية.
سكت المحافظ، واستجاب ممثلو الحرية والعدالة لدعوات الاخوة وانسحبوا، وهبطت أمطار الحكمة على

مسئولى الأمن لينصحوا منظمى الحفل بالتراجع.
سقط الوطن فى الامتحان. وخضع الناس لحملة صكوك الجنة، ورفرفت عصافير الحرية وهى تفر من قفص الوطن.
نرتد الى الظلام، ونتراجع الى التخلف، وننسحب من الوسطية، ونقبل بـ«سلفنة» غير اسلامية لمجتمعنا.
نعود مرة أخرى الى زمن اغتيال فرج فودة خوفا من كلماته،وغرس السكين فى نحر نجيب محفوظ لأن قصصه تحض على الكفر، واحراق نوادى الفيديو لمنع شرور السينما عن الناس، واطلاق الرصاص على السياح الذين لا يؤمنون بديننا!
ما أسودها أيام تلك التى كان فيها أعضاء الجماعة الاسلامية يفتشون ضمائر السائرين، ويحاكمون اخلاقهم، ويتحكمون فى سلوكهم. فى ثمانينيات القرن الفائت كانت الحفلات الغنائية ممنوعة فى الجامعات، وكانت الانشطة الفنية مقموعة، وكانت الدولة راعية وراضية حتى انقلب السحر عليها وفتكت بها قوى الظلام.
فيا أيام لا تعودى ويا ذرات الخوف والظلم لا تسودى. والله أعلم.
[email protected]