رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حق صبري موسي

سأكتب لا شيء يثبت أني أحبك غير الكتابة.. كما يقول محمود درويش.
ومادمت حياً فالأدب بخير، والإبداع بخير، والثقافة بخير.. ولا يجرمنك شنآن قومك أن ترفع رأسك فأنت لم تنل بعد ما تستحق من وطنك.
مازلت أنت صبري موسي الأستاذ والروائي الذي أمتعنا بحكاياته، وكشف لنا «فساد الأمكنة»، وأضاء لنا «قنديل أم هاشم».. مازلت أنت القمر المبدع في سماء الكلمات.. مازال تلميذك النجيب علي حامد يجيبني عن الجديد في عالم الرواية  كلما رأيته بعبارته المتكررة «لم أقرأ رواية عظيمة منذ فساد الأمكنة».

كان صبري موسي أول قلم مصري يهبط علي الصحراء ليرسمها بحكايات وقصص تعيد اكتشاف خريطة مصر.. الوحيد بين العرب الحاصل علي جائزة «بيجاسوس» الأمريكية في الأدب، وهي الجائزة التي تعادل «نوبل» لكنها قد لا تحمل نفس شهرتها.
يرقد الآن أديب الصحراء، والروائي الممتع مريضاً، منسياً في وطن لا يتذكر مبدعيه ومفكريه، ويقاوم داء التجاهل المتوارث لدي أهل مصر منذ عهد الفراعنة.. لا يزار ولا تسأل عنه رموز الثقافة، ولا تتكفل الدولة بعلاجه الذي يلتهم جل معاشه المتواضع.
ورغم حصوله علي وسام الدولة من الدرجة الأولي مرتين، إلا أنه لم يحظ بأي اهتمام منها بعد مرضه.. غادرته الأضواء، وحاصرته العزلة، وآلمه الجحود،  ووصل الحال بأحدهم أن يكتب في جريدة القاهرة الصادرة عن وزارة الثقافة اسمه مسبوقاً بلقب «المرحوم».
ولأنه صبري موسي فهو لا يطلب، ولا يحن رأسه،

ولا يقول للمسئولين إن علاجه يتجاوز بضعة آلاف من الجنيهات شهرياً، وأنه يواجه عواصف المرض والعجز مع وزوجته الصابرة دون معين.. يأبي الحياء علي المبدع الكبير أن يطالب بالعلاج بعد محنة المرض، وتقهره عزة النفس ألا يسأل الاهتمام من كيانات لا تهتم، ومثقفين لا يعرفون فضيلة الوفاء لأستاذ كبير ألقته الظروف في مصيدة العجز.
كثيرون هم المبدعون الذين واراهم التراب قبل أن تكرمهم مصر.
مات أمل دنقل فقيراً منبوذاً تحت وطأة السرطان وضغطة النكران، وانتهي الحال بمبدع الوطن الصادق نجيب سرور في مستشفي الأمراض النفسية، وتركوه يتسول الطعام أواخر أيامه، وسقط محمود حسن إسماعيل صريع الغربة بحثاً عن «لقمة عيش» أفضل في بلد لا يقدر المبدعين، وقُتل الشاعر الساخر عبدالحميد الديب جوعاً وفقراً ونسياناً.
إن من حق صبري موسي علينا أن نعظمه، ونكرمه، ونعطيه حقه، ونمنحه وفاءنا وتقديرنا وامتناننا علي ما قدم للأدب والكتابة والفن والصحافة.. والله أعلم.
[email protected]