عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

زنازن للإبداع

عندما وقع الانقلاب العسكري في تشيلي عام 1973 ضد حكم الرئيس المحبوب سلفادور الليندي دخل جنود الانقلاب إلي بيت الشاعر بابلو نيرودا ليفتشوه بحثاً عن السلاح بعد أن تلقوا وشاية تتهمه برفض الانقلاب، يومها فاجأهم «نيرودا» بأن قادهم إلي دفاتر شعره المبعثرة في إحدي الغرف، وقال لهم: هذا هو سلاحي.

الشعر فن، والفن سلاح وقيمة، ونضال، ومثابرة، وأداة من أدوات المقاومة، لا تتقدم أمة تطارد مبدعيها، ولا يتطور مجتمع يرهب فنانيه، لذا فقد أحبطني وآلمني وأقلقني الحكم القضائي الصادر في حق المخرج الشاب أشرف نبيل من محكمة جنح حلوان، الذي قضي بحبسه هو ومساعده ستة أشهر  مع وقف التنفيذ لقيامه بتصوير فيلم بعنوان «لا تبيع» عن الرشاوي الانتخابية في انتخابات الرئاسة.
لا أعرف ما هي علاقة القضاء بمخرج شاب يحوّل ظاهرة حقيقية لا ينكرها مصري وهي ظاهرة شراء الأصوات إلي فيلم تسجيلي! ولماذا يتم استغلال تشريعات وقوانين بائدة في قمع الفكر والإبداع ومطاردة حرية الرأي؟ 
لقد ذكرت الشبكة العربية لحقوق الإنسان في تعليقها علي الحكم «إن محاكمة أشرف لم تتوافر فيها ضمانات المحاكمة العادلة المتعارف عليها, ومثلت إخلالاً باستقلال القضاء لما رأيناه فيها من الانحياز للأهواء السياسية علي حساب القانون، وأدي ذلك لإضفاء شكل قانوني علي قمع حرية التعبير والتضييق علي الأصوات المعارضة.. كما أن هذا الحكم الصادر بالإدانة يعد اعتداء جديداً علي حرية الرأي والتعبير، خاصة أن العمل لم يخرج من إطار النقد المباح الذي كان من

الأولي بالمحكمة تحصينه وحمايته بدلاً من معاقبة شباب استخدم هذا الحق المشروع».
قبل سنوات طارد الحزب الحاكم في مصر كبار الكتاب والصحفيين بسيل من الدعاوي القضائية لإرهابهم وإلهائهم بعيداً عن طغيان النظام، وقبلها حصل محتسبون باسم السماء علي حكم قضائي بالتفريق بين مفكر معروف هو الدكتور نصر أبوزيد – رحمه الله – وبين زوجته، بزعم ارتداده عن الإسلام لكتابته أبحاثاً أكاديمية بشأن النص الديني، وقبل ذلك حصل محامون مغمورون علي حكم بمنع عرض فيلم ليوسف شاهين اسمه «المهاجر» لتشابه قصة الفيلم مع قصة النبي يوسف.
بين الحسبة القضائية، والوصاية الدينية تبهت الفنون، وتتحجب الكلمات، ويحدد الخيال إقامته، لا يعنيني أن الحكم الصادر ضد المخرج الشاب موقوف تنفيذه، لكن مجرد صدوره يعني أن قلعة العدالة في حاجة لمراجعة كثير من التشريعات التي لا تتفق مع حرية الرأي والتعبير.
يقول شاعرنا اليقظ أحمد مطر:
لقد شيعت فاتنة
تسمي في بلاد العرب تخريباً وإرهاباً
وطعنا في القوانين الإلهية
ولكن اسمها في الأصل حرية
والله أعلم.
[email protected]