رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ميزان العدالة بين «الشاطر» و«الشاذلي»

«آفة حارتنا النسيان» كما يقول نجيب محفوظ في «أولاد حارتنا»، وحارتنا المصرية تطفئ نجومها، وتهمل عظمائها وتكرم بغاتها ومهرجيها.

في عيد  الأم كنت لديها، الشاهدة الاولى على نضال بطل عسكري عظيم اسمه سعد الشاذلي، في بيت ابنتها الصغرى ناهد تتنفس السيدة زينات السحيمي ذكريات الوطنية والكرامة في أسى وهي تراقب مشهداً ضبابياً لا ينبئ بخير، قالت لي إنها حزينة أن زوجها الذي قاتل وناضل ضد أعداء مصر خارجها وداخلها ستة عقود لم ينل حقه المستحق.

حياة الناس كلما أطل، وتذكره الشيوخ وودعه الآلاف يوم رحيله الذي شاء القدر أن يكون قبل تنحي مبارك بيوم واحد، لكن لم ترد له الدولة اعتباره، ولم تعد إليه المؤسسة العسكرية حقه المغتصب، ولم تعد محاكمته، ولم يتم تكريمه وهو المدبر الحقيقي لنصر أكتوبر 73.
وكان من الغريب أن يسقط المشير محمد حسين طنطاوي باعتباره رئيساً مكلفاً بادارة شئون مصر حكماً عسكرياً صدر ضد المهندس خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة ا لاخوان في قضية عسكرية، ولا يسقط حكماً جائراً طالما نقضته احكام مدنية تالية على بطل الحرب الفريق سعد الشاذلي الذي حوكم عسكرياً بتعليمات مبارك عام 1983 تحت زعم افشاء الاسرار العسكرية وهو الأحرص على مصلحة مصر وأمنها القومي.
لم يجد الرئيس السابق فرصة لاغتيال سمعة وكرامة رئيس الأركان الأسبق إلا أن يلفق له قضية افشاء الاسرار بكتابة مذكراته عن الحرب، وأن يحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات غيرة وحقداً وكراهية، ويعلم الناس باقي القصة حيث عاش الشاذلي في منفاه الاختياري 13 عاما قبل أن يعود ليقبض عليه في

المطار ويودع في السجن الحربي.
وكان الاولى بالمشير طنطاوي وهو المقاتل العسكري أن يعيد للرجل كرامته، وأن يرفع عنه الظلم ويسقط حكم المحكمة العسكرية الجائر استناداً لاحكام مدنية حصل عليها «الشاذلي» وأكدت براءته.
إنني سعيد وراض تماما عن اسقاط الحكم الظالم على المهندس خيرت الشاطر، فأنا - مثل كثير من المثقفين - مع أي توجه لرفع الظلم ورد اعتبار مظاليم الطغيان المباركي، لكن ميزان العدالة يلزمنا أن نعيد حقوق كثيرين قد يكونون خارج خريطة لعبة السياسة الآنية وليس لديهم صفقات مع أحد ولا اتفاقات بعينها.
تخطو السيدة زينات السحيمي عامها الخامس والثمانين مستندة على ذكريات الكرامة والفدائية والسير الطيبة لزوجها الراحل، لكن رغم كل ذلك مازالت تنتظر رد اعتباره، ولا أتصور أن هناك سببا وجيها يمنع ذلك، خاصة أن المشير طنطاوي اتصل بها قبل رحيل رفيقها ليطمئن على قائد استحق احترام الجميع.
يقول الشاعر الجميل محمد الماغوط: حملت جراحي القانية على كتفي/ ونزلت بها الشوارع/ والحانات/ والفنادق/ والحدائق/ وفي الاحتفالات والأعياد/ وكان شعبي برمته يرقص بأحذية حمراء».
[email protected]