عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصر لا تركع.. لكنها تسجد!

مصر لا تركع كما يقول الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء، ولكنها تسجد كما يبرهن ما جرى من تهريب للمتهمين الأمريكيين فى قضية التمويل الأجنبي، فبين سلطة القهر وقهر السلطة تخلع بلادنا ثيابها قطعة قطعة وتبيع نفسها لمن يدفع وربما فى بعض الأحيان - للأسف - لمن لا يدفع.

تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها، وتكافح الأمم الأبية ولا تبيع كرامتها، وما فعلته السلطة الحاكمة مع متهمين أمريكيين يخضعون للقضاء المصرى لا يوصف إلا بجريمة هتك عرض فى وضح النهار قام فيها حكامنا الجدد بإلقاء بقع من الحبر الأسود على شرف القضاء وكرامته واستقلاله.
بعد الثورة، كنا نظن - وكثير من الظن فى بلادنا وهم - أننا شعب حر له كرامته، لا يقبل ضغوطاً ولا يرضى بإملاءات خارجية، ولا يسمح بتدخلات فى شئونه الداخلية.. كنا نحسب أن قضاءنا حر، ومستقل، وعادل، وأن الجميع متساوون أمام القانون.. كنا نعتقد أن السلطة الجديدة لا تخضع إلا لمواطنيها المتشوقين للكرامة والعزة.
كنا سذجاً أو متساذجين ننكر القبح ونحسن الظن بالفراعنة الجدد الذين اغتصبوا العرش بعد أن أطلقنا رصاص العزل على كبيرهم.
كانت القضية غريبة ومفتعلة ومضخمة، وأشبه بـ «تمثيلية بايخة» لصناعة شعبية لحضرات العساكر. سرنا مخدرين وراء أبطال كاذبين نلعن الإمبريالية، ونرفض التبعية ونرفع رءوسنا عالية معلنين ميلاداً جديداً لمصر والمصريين، وقتها صفقنا للوزيرة فايزة أبو النجا مهندسة قضية التمويل الأجنبى وتناسينا أنها كانت ركنًا أساسيًا فى نظام مبارك، ثم صفقنا للدكتور الجنزورى ورددنا خلفه

فى بلاهة أن مصر لن تركع أبداً. وانتهز الطبالون والزمارون الفرصة ليقدموا للمجلس العسكرى الحاكم مدائح التقرب، وأناشيد التزلف صانعين منهم أبطالاً خالدين.
وعندما خرج المتهمون الأجانب من مطار القاهرة بعد تدخل «جهة سيادية» معززين مكرمين أيقنا تماماً أن ثورة 25 يناير انتهت إلى الأبد، وأن عصافير الكرامة غادرت هذه الأرض دون رجعة، وصار علينا أن نهتف بجنون مع المبدعة الرائعة أحلام مستغانمى: أيها الوطن الكبير.. يا وجعنا الموروث.. لا تطرق الباب كل هذا الطرق، فلم نعد هنا».
لقد اختطفوا منا الوطن، ولما حاولنا استرداده فى ثورة نادرة قبل عام حشدوا مستثمريهم، ومنتفعيهم، وضباطهم، وصحفييهم، وخدمهم وحشمهم وقتلتهم المأجورين وشطبوا لحظة النور الفارقة فى تاريخنا الحديث.
إن الشاعر السورى محمد الماغوط يصدمنا بحقيقة اللحظة عندما يكتب: «للوطن خبزى وخبزكم، مائى وماؤكم، حنانى وحنانكم، وغلة الحقول والمراكب، وقوت الفراشات والعصافير، وعرق العمال والطلاب والفلاحين. وكل ما فى الأرض والسماء وأعماق المحيطات هو للوطن.. والوطن لبضعة لصوص». والله أعلم.
[email protected]