آخرة الاستبداد
سقط زين العابدين بن على ..خلع الرئيس الذى ظن انه سيموت على مقعده فجأة رداء السلطة مكرها مبعدا منبوذا بعد أن استيقظ الشعب فجأة ليقول انه الاول والأخير . وأن كلمته هى النافذة ، وصوته هو المسموع ، وأحلامه وتمنيات أبنائه أوامر لا تقبل المناقشة . قال الشعب أن تونس لا يمكن أن تسير فى طريق الديمقراطية وبن على يتربع على رأس السلطة . واضطر الرجل أن يغادر بعد أن حاول المقاومة بالعنف حينا وباللين حينا آخر دون جدوى .
ماأصعب لحظات السقوط . من أعلى قمة السلطة الى المنفى والعزلة ..لا خدم ولا حشم ، لا سلطان ولا هيلمان ولا صفوف انحناء ولا طوابير نفاق ، ولا طاعة عمياء لا تعى خطورة القرارات أو تحسب مصالح الشعوب . من صدارة المشهد السياسى الى الخارج المنبوذ حيث لا أضواء ولا صخب . وحيدا ، مبعدا ، مرفوضا ، مكروها حتى نهاية العمر .
تونس الخضراء .. فتاة المتوسط الفاتنة . مملكة الثقافة والجمال ، مختلط الحضارات ، حاضنة التاريخ ، حقل الزيتون ، غابة السنونو ،موطن الشعروالأدب ، ومدرسة ابن رشيق صاحب "يا
هذه البلد الجميلة قدمت درسا للطغاة والمستبدين وأحيت الأمل فى نفوس الباحثين عن الحرية . يمكن التغيير أذا صدق العزم وخلصت النوايا .
لا ضمانة للاستبداد فى البقاء فى السلطة مهما كانت سياج العسكر عالية ، ومهما كان القهر غالبا . . تذكروا شاه ايران ، واستعيدوا نهاية شاوشيسكو ، وراجعوا واقعة سلبودان ميسولوفتش ، واقرأوا تاريخ الثورات الكبرى .
الظلم لا يدوم . ودولة العدل هى الابقى ، ولا توجد شعوب مجبولة على الذل والخضوع الى الابد ، فالامم تتغير والشعوب تتطور والأوضاع تتبدل ويذهب الزبد جفاء ، ولا يمكث فى الارض الا ما ينفع الناس .
مصطفى عبيد