رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشهداء ينعمون بـ «الجنان»

لم يكد القاضي في محاكمة القرن يعلن عن رفع الجلسة حتى راحت الزميلة سحر رمضان تنشر هاشتاجا على صفحتها على الفيس بوك بعنوان «الشهداء ينعمون بالجنان» متسائلة أي جنان؟ هل هي الحدائق الغناء في الجنة أم الجنان.. الذي من المفترض أنه يؤدي إلى مستشفى المجانين بالعباسية أو في جهنم من فرط الذهول من الأحكام التي صدرت أمس بحق مبارك والعادلي ومعاونيه بعد أن أضاعوا حياتهم من أجل قضية حصل المتهم الرئيسي فيها على البراءة، والتي اعتبرها البعض امتدادا لما أصبح يوصف من قبل البعض بموسم البراءة للجميع. بدا من العبث محاولة التأكيد على حقيقة أن الشهداء في كل الأحوال عند ربهم يرزقون وأنهم ينعمون ... ولكن الرد على هذا الحديث كان التأكيد أنهم أحياء وأن لكل حي حالاته التي تتراوح ما بين العقل والجنون!

أعلم أن التعليق على الأحكام القضائية يعتبر في حكم غير الجائز ولم أعتد أن أبدي رأيي مكتوبا في قضايا حيوية مثل تلك القضية بالسرعة التي أقوم بها في هذه السطور غير أن القدر هو الذي قادني إلى هذا الموقف بفعل اعتذار أستاذنا العزيز حازم هاشم لظروف طارئة.
بعيدا عن منطوق الحكم والذي كان من المنتظر لكل من يهمس معه أو ضده في المحكمة أن ينال الحكم بالسجن عاما كاملا وقد بدا القاضي في ذلك حاسما إلى أبعد الحدود .. فإن الملاحظة الأولى التي يمكن لأي مصري كان وسط الناس لحظة النطق بالحكم هي حالة الانقسام البين والتي يجمع بينها الدموع .. دموع الفرح بأحكام البراءة ودموع الحزن على ما يراه البعض إسدال الستار على ثورة يناير.
لقد كان القاضي يتوقع حالة الجدل حول الحكم فراح يشير إلى أن الحكم سيخضع للتحليل والنقاش وأنه يفترض بمن يقوم بذلك أن يكون قد قرأ آلاف الأوراق التي يتضمنها وهو أمر من الصعوبة بمكان ويبقى متروكا لحين إتاحة الأوراق.. من أفضل الآراء التي سمعتها أن القضاء يحكم بناء على أوراق وأنه ليس له علاقة بأية جوانب أخرى.. وأن الأحكام التي صدرت جاءت في هذا السياق.. أقول ذلك من قبيل التأكيد على احترام القضاء.. غير أنه من منظور سياسي يمكن أن يكون هناك طروحات أخرى عديدة تجعلنا نؤكد أن فيما انتهى إليه الحال بنا الآن.. في تلك اللحظة التي نحياها في مصر انتكاسة لثورة يناير التي أصبح البعض يصفها بالمؤامرة، وهو الوصف الذي يمكن في حد ذاته أن يعتبر مؤشرا على ما آلت إليه الأحوال بشأن ما جرى منذ يناير وحتى الآن.
لا ندعي تقديم الجديد في هذه الكلمات وإنما نعيد التأكيد على ما نشرناه من قبل بشأن هذه القضية وهو ما يتمثل في خطأ محاكمة مبارك على أساس تهم جنائية

فذلك ليس هو مناط المحاكمة المفترض .. وعلى سبيل المثال فإن تهمة قتل المتظاهرين تهمة لاحقة على ما حدث في يناير وليس سابقة .. وهو ما يعني أنه تم تجاهل مجمل الأوضاع ما قبل الثورة والتي أدت إليها وخروج الناس بالملايين ضد مبارك ونظام حكمه آنذاك.. محاكمة مبارك لم يكن يجب أن تكون جنائية وإنما سياسية وعلى ما انتهى إليه حكمه من تراجع بأوضاع البلاد.
وإلا فإن معنى البراءة الشاملة لمبارك ، جنائيا وسياسيا ، هو ضرورة تعويضه عما لحق به من أذى جراء اتهامه بتهم باطلة وفي هذه الحالة فإن الملاحقة يجب أن تطال طيفاً كبيراً من المصريين الذين خرجوا في يناير ضد نظامه... ويجب أن يمثل هؤلاء جميعا أو على الأقل رؤوسهم ومحرضوهم في السجون!
في تقديري أن الحكم فيصلي في المرحلة التاريخية التي نمر بها كمصريين .. وسيكون له تداعيات عديدة إيجابية وسلبية سواء على مستوى الحكم أو مستوى المصريين جميعا من المؤكد أنه من المبكر الحديث عنها وقد يدخل بعضها في إطار المحظورات.  السؤال الذي يشغل تفكيري هو : كيف تحول موقف قطاع كبير من المصريين على هذا النحو خلال السنوات الأربع الماضية؟ هل ثبت لهم انهم أخطأوا في الثورة على مبارك وأن الرجل كان ضحية مؤامرة بحق وحقيق.. وأن أبسط رد اعتبار هو الاحتفاء ببراءته على نحو ما جرى بالأمس؟ أم أن المصريين تعرضوا لعملية تزييف وعي كبرى جرى معها إعادة تشكيل مواقفهم ـ خاصة القطاع البسيط منهم الذي يتمثل في رجل الشارع ـ من اجل الانتصار للنظام الأسبق ورموزه؟
أيا ما كان فإننا مقبلون على مرحلة ضبابية نسأل الله معها أن يخرجنا سالمين .. فهو الملاذ الاول والأخير حين تدلهم الخطوب وتضطرب الخطى .. ويتماس الخط الأبيض مع الخيط الأسود من الحقيقة! 

[email protected]