عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رأيت «مبارك» فيما يرى النائم

 

على المستوى الشخصي لا أميل إلى تصديق الآخرين في بعض رؤاهم أو أحلامهم التي تتعلق بشخصيات عامة وأرى أن ذلك قد يعكس نوعاً من الكذب أو المبالغة بهدف تمرير فكرة معينة أو الترويج لموقف محدد.. ولذلك لم أصدق الرؤى التي راحت تروج لتثبيت الرئيس الأسبق محمد مرسي في الحكم من خلال حديث الـ 8 حمامات وغير ذلك.. ولولا مكانة الشيخ الراحل الدكتور عبدالحليم محمود لدى لعبرت عن شكي فيما رواه عن أنه رأى النبي صلي الله عليه وسلم يؤازر الجندي المصري خلال حرب أكتوبر.

لن أدعى العلم ولكني أتصور أن أقصى شخصيات يمكن للمرء أن يراها في منامه هم القريبون منه أمه وأبوه وأشقاؤه وأصدقاؤه في العمل والمنزل والذين يشغلون تفكيره في الواقع.. رغم مرور أكثر من 19 عاماً على وفاة والدي ما زال يأتيني في المنام، رغم مرور 3 سنوات على وفاة صديقي المرحوم عادل القاضي أول رئيس تحرير لبوابة الوفد الإلكترونية، الذي لا أكاد أصدق نبأ رحيله إلا أنه جاءني في منامي أربع مرات.. أراه حياً يرزق وفي إحدى المرات رحت أسأله عن تلك الأنباء التي تقول إنه قد توفي!
ولذلك لن ألومك إذا لم تجد مجالاً لتصديق ما سأذكره في هذه السطور.. فقد رأيت في منامي الأربعاء الماضي الرئيس المخلوع مبارك خلال محاكمته.. غير أن القاعة كانت عادية وليست التي تجرى محاكمته فيها فعلياً.. ليس هناك تلك الحراسة والحشود التي نراها في المحاكمات الفعلية وتكاد أن تكون خالية إلا من القاضي ومبارك وشخص ثالث.
الأهم أن مبارك راح يتوعد المحكمة بأنها إذا لم تحكم ببراءته فسوف يعلن بنفسه براءته أمام الشعب ويترك المحكمة لتواجه مصيرها المحتوم جراء غضب المواطنين.. كان مبارك يتكلم في الحلم بثقة. وحينما عرضت الأمر على زملاء – في الحلم - أبدوا دهشتهم ورفضوا فكرة أن يصل مبارك في موقفه إلى مثل هذه «البجاحة» وسألوني عن الشخص الثالث فوصفته لهم ومن وصفي راح البعض يذكر لي أنه أحمد حشمت قائد العاصمة!
انتهى الحلم ولم تنته حيرتي بعد يقظتي من محاولة تفسيره رغم أنني منذ شهور عديدة مضت كنت بدأت قراءة كتاب تفسير الأحلام لفرويد الموجود على رف مكتبتي منذ 30 عاماً دون قراءة في محاولة لفهم سيكولوجية الحلم.. رحت أسأل نفسي هل هو «الهوس» الذي ينتابني جراء ما أتصوره انهياراً لثورة يناير وعودة لمبارك ورموزه إن لم يكن للحكم فعلى الأقل إلى الواجهة على أساس أنهم أبرياء؟.. وهل هذه الثقة البادية في نبرة مبارك – في الحلم - تعكس هذه الحالة وأنهم قد رجعوا وثبتوا أقدامهم وليس لنا سوى أن نعترف بعودتهم والإقرار بخطأ ثورتنا في 25 يناير؟.. هل هي الحسرة على دم شباب أراه ضاع هدراً؟.. هل هو الشعور بالألم على آمال رحنا ننسجها حالمين بمجتمع أفضل بدا آنذاك أن صنعه أصبح في أيدينا؟.. هل هو الشعور بلوعة الفقد لثورة قمنا بها وشاركت بها في أول خروج لي في مظاهرة ضد نظام!.. وهو شعور أعترف بأنني لم أواجهه في حياتي سوى بوفاة أبي وأمي.. أذكر أنه عندما توفيت أمي منذ أربع سنوات رحت أنظر لجثمانها قبل غسلها كنت أود أن أصرخ طالباً منها أن

تعود وألا تتركني وحدي.. ساعتها خشيت أن أبدو كطفل وأنا الأخ الأكبر الذي من المفروض أن يتماسك ليتماسك الباقون.. لا أدرى أمبالغ أنا حين أتصور أننا فقدنا ثورة يناير كما فقدان الحي للميت.. الذي من المستحيل أن يعود لو انطبقت السماء على الأرض؟
ولذلك أجدني أعتذر لذلك القارئ الذي لا أعرفه وفهم ما كتبته الأسبوع الماضي على نحو خاطئ دون قصد منه، وأقول له رداً على رسالته لي على بريدي الإلكتروني الشخصي يعرب فيها عن سعادته بعودة واحد مثلي إلى الحق والاعتراف بقيمة مبارك ونظامه.. إنني يا سيدي من أكثر الناقمين على ذلك النظام رغم أنني لم أتضرر منه بشكل مباشر.. وأن ما كتبته لم يكن سوى تهكم أعترف بفشلي ككاتب في تقديمه لك بالشكل الصحيح بدليل أنك وآخرين فهمتوه على هذا النحو وقد يعود ذلك في جانب منه إلى أنني قد أبدو جاداً أكثر من اللازم.. صحيح أنني أتعمد الغموض أحياناً وفي بعض القضايا، في مواجهة ما قد يكون ضغوطاً مجتمعية وأخرى لا مجال للتفصيل فيها، لا تتيح لك قول ما تريد على النحو الواضح والمباشر، وهو أمر واجهه كتاب كثر على مدار التاريخ، إلا أنني لم أكن أتصور أن يصل الغموض إلى هذا المستوى.
قد لا تكون الصورة مظلمة تماماً، فهناك جهد يبذل للخروج من عنق الزجاجة وقيادة الوطن على طريق النهضة، ولكنه جهد مشوب بالقلق والتوتر يعكس وضعاً اختلطت فيه الأوراق يمنة ويسرة.. وبغض النظر عن ملاحظات عديدة يمكن أن ترد على هذا الجهد، فإن الملاحظة الأكبر أنه جهد يبدو للمرء من بعيد مثل الثوب الأبيض الذي يلطخه ويشوهه إعلان براءة نظام مبارك وهو ما قد يثير المخاوف بأن تمتد عملية التلطيخ إلى بقية الثوب وذلك أمر غير مستبعد فما نجاح نظام مبارك في مثل تلك الخطوة – البراءة - سوى تعبير عن قوته وقوة رموزه وهي قوة قد تمتد لتوطد أركانها في حياتنا.. لنصبح، كما قال أحد الكتاب الأمريكيين في بدايات ثورة يناير في قراءة أراها تبدو صائبة ولكن بعد فوات الأوان، مباركيين دون مبارك، وتلك في رأيي الطامة الكبرى!


[email protected]