عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اعتذار واجب




بغض النظر عن موقفك وموقف الملايين الآخرين من المصريين فإنني أملك الشجاعة الكافية لأعترف بخطئي عن كل ما كتبته على مدى السنوات الثلاث أو الأربع الماضية بشأن تداعيات ما حدث بعد 25 يناير 2010. لذلك أجدني أعتذر للرئيس «المستقيل» وليس «المخلوع» مبارك عن اتهاماتي الباطلة له في فجر تلك الأيام بأنه أشبه بنيرون روما متصورا أنه لا يبالي بما يحدث في مصر من غليان آنذاك حيث أكد لنا الرجل في مرافعته عن نفسه أمام المحكمة أن ما حكم موقفه هو حقن دماء المصريين ومن هنا كان إعلانه التنحي عن الحكم.

أرى نفسي كنت مبالغا عندما طالبت بمحاكمة مبارك سياسيا على حالة الفساد والإفساد التي غرسها في كافة جنبات الحياة في مصر على مدى سني حكمه الـ 30، فالرجل بشهادته وبوازع من ضميره لم يفعل إلا ما يحقق هدف نهضة البلاد رغم ما نلمسه ونراه من نتائج مأساوية تحزن العدو قبل الصديق على حال بلد يتغنى ليل نهار بحضارة تغوص في التاريخ لأكثر من 7 آلاف سنة.
كنت مخطئا عندما كتبت مرة مقالا بعنوان «كان فيه مرة ثورة».. في تحفظ على المآل الذي آلت إليه أحوالنا بعد 25 يناير ومتصورا أن الثورة تضيع من بين أيدينا.. ذلك أنه لم يكن هناك ثورة ولا يحزنون وأن الأمر لم يكن يعدو حسبما ذهب حبيب العادلي في مرافعته سوى مؤامرة.. شاركت أنا وأنت فيها ضد مصلحة بلدنا فجررناه إلى الخلف. ولذلك أجد ما كتبته مرة بعنوان «ليست ثورة يا غبي».. هو الأنسب لما جرى بعد تغيير الفكرة الرئيسية من تحسر على السماح بتفريغ الثورة من مضمونها ومعناها إلى معنى آخر هو أن الثورة لم تكن ثورة وإنما مؤامرة حركها صباع البرادعي. قد يتمنى البعض بناء على الروايات والشهادات التي تجرى في قاعات المحكمة فيما يصفه البعض بموسم «البراءة للجميع» أن يتم صنع تمثال لصباع البرادعي ووضعه في متحف الشمع مدام توسو في بريطانيا ولكني بناء على المراجعة التي أجريها لعقلي بعد كل ما أراه وأسمعه أتمنى لو أنني حصلت على مقصلة لأقطع بها هذا الصباع الذي استطاع تحريك بلد بأكمله في الوجهة التي يريدها.
أتمنى معرفة من ذلك المجرم الذي أوصى بأن يتم تعيين البرادعي العميل في منصب نائب رئيس الجمهورية لكي يتم إفساح المجال للمؤامرة «الأمريكية - البريطانية - الفرنسية - السنغالية - الجيبوتية - الجنوب أفريقية الروسية» – أضف من عندك أي دولة مش مهم -  أو المؤامرة العالمية ضد مصر أن تتحقق على أرض الواقع.
ينبغي ألا يمر الأمر مرور الكرام وأن نبحث عن وائل غنيم وغيره ممن ادعوا أنهم رموز الثورة وقد يشملك ذلك ويشملني وملايين المصريين التي خرجت في الميادين لتنفيذ المؤامرة ضد مصر. ينبغي اتخاذ موقف ممن أسبغنا عليهم زورا وبهتانا لقب شهداء الثورة بل ينبغي أن ننبش قبورهم وجلب عظامهم الهيكلية ومحاسبتهم على جرمهم في حق مبارك ونظامه، وحبذا لو حاولنا اختراع يحاكي فكرة النفخ في الروح لإعادة بعثهم من جديد وإعدامهم في ميدان عام وليكن التحرير كمكان رمزي لإنصاف مبارك الذي ظلمناه  بعد أن أفنى عمره في خدمة بلده.
أعتذر عن سوء فهمي وعدم وعيي وقراءتي غير

الصحيحة للامور التي قد تكون ساهمت في تشويش فكرك أيها القارئ حين كتبت أن الإخوان لم يشاركوا في الأيام الأولى للثورة وأنهم كانوا ينتظرون معرفة اتجاه الريح لتحديد موقفهم .. فقد ثبت خطئي وخطأ كل من روج لذلك حيث إنهم أس الفساد وسبب البلاء.. فهم الذين خططوا ونفذوا ولم نكن نحن سوى كومبارس أو أحجار على رقعة شطرنجهم يحركوننا كما يشاءون وفي الاتجاه الذي يريدون.
اعتذر بشكل كبير عما كتبته من أني ألمح في الأفق بوارد الثورة المضادة.. حيث اكتشفت أنني لست فقط ضعيف البصر وإنما ضعيف الفهم.. فهذه البوادر لم تكن ثورة مضادة وإنما ثورة تصحيح لأوضاع قلبتها أحداث يناير التآمرية على غرار ثورة تلك التي قام بها السادات في 1970.
ولأن الاعتذار، كما الشكر تماما، موصول فإنني أجد نفسي مدينا بالاعتذار لعدد من الفضائيات التي رحت عن رعونة غير مسبوقة أتهمها بأنها تغسل سمعة مبارك على نحو أكثر بياضا.. كما نفعل مع السيراميك حتى يبرق في «العينين».. متناسيا أن الأمر حتى لو كان كذلك فهو اعتراف بالفضل.. تلك الفضيلة التي غيبناها عن مجتمعنا.. وأن هذه الفضائيات وغيرها من إعلام كانت تحاول أن ترشدنا إلى الحقيقة التي تاهت عنا وتوصلنا إليها أخيرا بعد أن استمعنا لموسم المرافعات في المحاكم.
أرجوك لا تتهمني بأنني «إمعة» أميل مع كل ريح فقد سبقني توفيق الحكيم حين عاد إليه وعيه وسبقنى مفكر كل العصور..الدكتور سعد الدين إبراهيم حين أعاد الاعتبار للسادات في كتاب تحت هذا العنوان راح فيه يتراجع عن كل الإنتقادات التي كالها له بشأن سياساته، مقرا بخطأ رؤاه آنذاك.. ثم إن ديننا الحنيف يؤكد على حكمة «أن الرجوع إلى الحق فضيلة».
لم يتبق أمامي بعد هذه المراجعة سوى معضلة بسيطة تتمثل في محاولة تكييفي لما حدث في 30 يونية بناء على هذا الاعتذار الذي أراه واجبا لمن أخطأت في حقهم.. فإذا كانت الرؤية الرسمية والشعبية أنها تأتي استكمالا لثورة 25 يناير.. فمن الطبيعي في ضوء موقفي – الذي يعكس تطوراً تفكيرياً – أن تكون مؤامرة امتداد للمؤامرة الأولى.. إذا قلت لي خسئت.. فأرجوك أن تنتشلني من حيرتي!

[email protected]