رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سراب محلب

لم يستطع رئيس الوزراء إبراهيم محلب فقط في حواره مع الزميل مجدي الجلاد الأسبوع الماضي أن يمنحنا طاقة أمل بعد دقائق قليلة من اللقاء وإنما استطاع الجلاد ذاته أن يشارك في منحنا طاقة الأمل تلك.. حيث تشعر بعد أن تنتهي من قراءة الحوار أن مصر أصبحت على بعد خطوات من التقدم الذي نأمله أو على عتبة النهضة التي فشلنا في تحقيقها سواء على يد محمد علي أو جمال عبدالناصر ليس بفضل إجابات  المتحاور فقط وإنما بفضل ذكاء وطريقة صياغة الحوار من قبل المحاور. لا أخفي أنني بعد أن قرأت الحوار شعرت بحالة من النشوة والسعادة ذكرتني بتلك التي يحياها من نال جرعة لا بأس بها من الهيروين رغم أنني لا أعرف طعم السجائر.. حالة تمنيت معها أن أردد بصوت عال..  الدنيا ربيع والجو بديع.. مع دعوة الجميع للتقفيل على كل المواضيع.

غير أنني وجدت نفسي بعد أن أفقت من حالة الخدر التي أصابني بها الحوار وتأمل الواقع الذي نعيشه أتساءل: ألا يعدو أن يكون الأمر مجرد سراب يقودنا إليه رؤى محلب ويسوقها لنا  عن حسن ظن بالمستقبل وبقدراته أو عن رغبة في تمضية الوقت لحين تركه المهمة التي ينوء حملها عن الكثيرين؟
لقد راح محلب يدور في ذات الفلك الذي دار فيه كل من سبقوه وراح يقدم لنا حلولا تذكرنا بـ «الفنكوش».. مما يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خاصة أن شهوراً مضت على تولي الرجل رئاسة  الوزراء والأمور محلك سر ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى نمط مختلف أو مغاير عن كل من سبقوه في فترة ما بعد الثورة – يناير وليس يونية.
من فرط ثقته في خطواته التي يتحدث عنها يمكن لك أن تتخيله يمشي ملكاً.. ولعل هذه اللغة هي التي جعلت محلب يخطف الأبصار قبل توليه الوزارة ما جعله مرشح الكثيرين حتى قبل أن يجري الحديث عن تغيير وزاري، فمن منا لا يصفق حينما يسمع رئيس وزرائه يقول: «نعم هناك اعتراضات على الحد الأقصى للأجور.. ولكن هذه ظروفنا واللي مش عاجبه عليه ان يترك المجال لغيره». ومن منا لن يشعر بحالة انبساط وفرح حينما يؤكد محلب على أن «حكومته حكومة كل جنيه في مكانه».. على هذا النحو يمكنك أن تواصل الحوار دون أن تجد نفسك قادراً على منعها من أن تردد في النهاية: «كلام جميل.. كلام معقول.. لكن.. مش لاقية فيك حاجة منه».
لا نريد أن نكون متشائمين أو نبدو كذلك غير أننا نستعين لتأكيد رأينا بالمثل القائل «المية تكذب الغطاس».. فالملفات المزمنة التي يواجهها المواطن المصري سواء قبل الثورة أو بعدها أو تلك التي تفاقمت بشكل حاد

على مدى السنوات الثلاث الماضية ما زالت كما هي دون خطوة الى الأمام، ولا داعي للحديث من محلب عن الصبر.. في ضوء حقيقة أن «للصبر حدود».. قبل كتابة المقال مباشرة عدت خالي الوفاض من مخبز أشترى منه رغيف العيش أبوربع جنيه لا لشىء إلا لأن الطابور يفوق الوصف.. بعد أن كان هذا الطابور على أبوخمسة صاغ فقط!.. أصبحت كما الكثيرين غيري لديهم الاستعدادات الدائمة لمواجهة ليس طوارئ الكهرباء وإنما الوضع العادي للكهرباء وهو الانقطاع يوميا لمدة ساعة أو ساعتين وقد يمتد الأمر في بعض المحافظات لمدة ثلاث ساعات أو أكثر.
مما يلفت نظرك في الحوار أنه حينما يطلب المحاور من المتحاور أن يبدو شديداً فإن شدته تبدو في صغائر الأمور – رغم أنها مطلوبة - وهى مواجهة «المافيا» التي تنتظر رفع أسعار البنزين والسولار.. أما رجال الأعمال فهو لن يرفع عليهم الضرائب رغم تأكيده أنهم يكسبون مبالغ كبيرة كما لا يرى لوما عليهم حتى في موضوع التبرعات التي يرى أنها حرية شخصية!.. ومن الغريب أن الرجل يلخص  أزمة الكهرباء في الترشيد – رغم أنه مطلوب إلا أنه ليس جوهر الأزمة.
الدنيا ليست وردة مفتحة كما يحاول محلب أن يقنعنا أو يرسم لنا الصورة وإنما الصورة قاتمة والأزمة الاقتصادية مستفحلة بشكل يصح معه القول أن اقتصادنا على شفا جرف هار.. وتتطلب رؤى وسياسات خلاقة من الحكومة تؤتي أكلها بسرعة للمواطن العادي الذي يجب عليه أن يبذل كل ما يستطيع لإنجاح هذه الخطط.. باعتبار أن أي خطط ليس لها قيمة بدون تعاونه.. بشرط أن يكون ذلك في إطار من المصارحة وليست دغدغة المشاعر.. وتلك هي مأساة تصريحات محلب التي لم يعد معها الصحفيون يجدون مشكلة في العثور على العناوين الرئيسية للصفحات الأولى لصحفهم!


[email protected]