رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لميس الحديدى.. واستدعاء الطائفية

كثيرة هي القضايا التي أثارتها الانتخابات الرئاسية وتتطلب التوقف عندها للنقاش، غير أنه على هامش هذه القضايا يأتي جانب من التناول الإعلامي الذي بدا

متهافتاً في متابعته للحدث، خاصة الفضائيات وفي القلب منه أداء المذيعة لميس الحديدي، وتبدو أهمية مناقشة هذا الأداء في ضوء الأهمية التي تحتلها الحديدي في ساحة الفضاء المصري وحالة التماهي بينها وبين القناة التي تطل منها بشكل خاص حتى أنه إذا تم ذكر أحدهما فلابد أن يرد على ذهنك الآخر على الفور، ولعله مما يدلل على ذلك كونها المحاور الرئيسي في أول حوار يتوجه به السيسي للناخبين عبر الفضائيات بالاشتراك مع الزميل إبراهيم عيسي، هذا إلى جانب أن كاتباً كبيراً مثل الأستاذ هيكل راح يفضل العودة لجمهوره من خلالها على شاشة «سي بي سي».
إذا أضفنا إلى ذلك بعض المعارك التي خاضتها الحديدي على مدى السنتين الماضيتين وأبرزها تلك التي جرت مع الإخوان والرئيس مرسي تحديداً.. ألادركنا خطورة وأهمية كل كلمة تنطق بها وهو الأمر الذي دفع بالبعض إلى أن ينسب لها – في تأكيد على نفوذها - الفضل في مد عمليات التصويت في الانتخابات الرئاسية يوماً ثالثاً.
لعل هذه الأجواء هي التي تجعل الحديدي تشعر بقوتها وهو ما ينعكس على أدائها وحجم الثقة التي تبدو عليها وعلى حديثها على نحو يشعرك وكأنها تحرك الأحداث في مصر المحروسة وهو وضع يذكرني شخصيا بوصف «المرأة الحديدية» الذي كانت تلقب به رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت تاتشر، من هنا يأتي توقفنا عند موضوع حديثها ونبرة هذا الحديث التي جرت ثاني أيام الانتخابات في دعوة المواطنين للحرص على المشاركة في التصويت.
من أخطر ما خرجت به علينا الحديدي تخصيصها الدعوة للأقباط للمشاركة بكثافة في التصويت بانتخابات الرئاسية داعية إياهم أن يكون ذلك السلوك على خلفية ثأرية من خلال قولها: «أقول للأقباط تذكروا الـ 60 كنيسة اللي اتحرقوا، تذكروا الظلم والإرهاب طول السنة اللى فاتت».. وفي مسعاها لتحقيق رسالتها الإعلامية التي رسمتها لنفسها تعيد الحديدي التأكيد على الأمر – وهي إعادة لها دلالتها في مجال تحليل مضمون حديثها – قائلة: «تذكروا هذا المشهد لا تنسوه يجب أن يكون ماثلاً أمامكم، فلابد أن تشاركوا لاختيار رئيسكم».
لا تكتفي لميس بذلك بل تدعو الأقباط في المشهد الذي لم يتجاوز ثلاث دقائق على الشاشة إلى تذكر من حرق الكنائس – مرة ثالثة – و«القس اللي مات وقتل في سينا».
لسنا هنا في معرض استدعاء تجارب الماضي والإشارة إلى ما يوجه للحديدي من اتهامات بأنها كانت أحد أعمدة النظام الأسبق، وأنها من الفلول وغير ذلك.. ولن نلوي عنق الحديث للربط بين هذه الاتهامات وإشارتها إلى أحمد شفيق في ذات الدقائق المشار إليها وقولها:

«ولما كنتوا عاوزين تصوتوا لشفيق (الفريق أحمد شفيق)، في انتخابات الرئاسة الماضية أمام محمد مرسي، كنتوا تخافوا من الإخوان والجماعة الإسلامية».. فذلك أمر أبعد ما يكون عما نهدف إليه.
غير أن تحفظنا على حديث الحديدي ينصب على خطورة استدعاء البعد الطائفي في انتخابات كان من المنتظر أن تكون هي وغيرها من الإعلاميين الذين يرفعون راية المدنية أحرص ما يكونون على تجنب استدعائه.
إن الحديدي بخطابها الذي يمكن اعتباره يؤجج بذور الفتنة الطائفية تهدم ما بذلته جهات كثيرة في الدولة سواء أجهزة رسمية أو هيئات دينية مسلمة وقبطية والعديد من منظمات المجتمع المدني لتعزيز مفهوم المواطنة والانطلاق في مصر الجديدة على أساس التعامل مع المصريين من منطلق مواطنتهم وليس دينهم، وإذا كانت الحديدي تلجأ لاستدعاء هذا البعد الطائفي فماذا تركت للمتطرفين.. أياً كانوا مسلمين أم أقباطاً؟
هل هي كبوة جواد.. كما قد يقال؟.. لا.. ويكفي هنا الإشارة إلى موقف لميس من المخترع المصري الصغير ونبرة خطابها التي اتسمت بالفجاجة.. «روح في ستين.. سلامة» - أو «داهية».. والإضافة من عندنا - على نحو ينبغي معه مساءلتها اجتماعياً وهو أمر يمكن إدراكه بمقارنته بموقف زميلها يسري فودة وموقفه المتفهم لما آل اليه حال هذا المخترع.
نعلم أن السطوة والنفوذ – خاصة في الفضاء الإعلامي – لا ترتبط بالقدرة المهنية وغير ذلك من مواصفات لابد من توافرها فيمن يتوجه بحديثه للجمهور.. غير أنه أما وقد تحققت هذه السطوة وهذا النفوذ فإن الإعلامي يجب أن يطور من نفسه ومن رؤاه بقدر أكبر من العمق تتجاوز ما قد يكون سطحياً.. في ضوء خطورة رسالته.. التي قد يذهب معها الوطن – إذا لم يجد أداءها – إلى الجحيم.. وذلك هو ما يمكن أن ينتهي إلينا به خطاب مثل خطاب الحديدي.. نسأل الله لمصر السلامة.
[email protected]