رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«بروفة» لا تمثل بشرة خير

بعيداً عن حجم التباين في المواقف بين التيارات المتصارعة على الساحة الآن بشأن طبيعة ومسارات العملية الانتخابية الرئاسية التي تبدأ اليوم وتنتهي غدا، فإن نمط تصويت المصريين في الخارج جاء كاشفا للعديد من الحقائق التي لا يجب أن نغفلها ويمثل في رأينا ما نراه بروفة لا تمثل بشرة خير على صعيد الممارسة الديمقراطية في مصر ككل وليس على صعيد موقف من عملية انتخابية محددة.

وتعكس الصورة الكلية لحجم المشاركين في التصويت، بغض النظر عن اتجاهات التصويت والتي حصد المشير السيسي النسبة الأكبر منها، ما يمكن اعتباره مأساة لا يجب أن تمر مرور الكرام وقد يراها البعض تأكيدا لما ذهب إليه السيسي وعرضنا له بالنقد في مقال سابق حول أن الديمقراطية قد تستغرق أكثر من ربع قرن حتى تتثبت أقدامها في مصر. وحسب أكثر الأرقام دقة فإن عدد المصريين في الخارج يقدر بنحو ثمانية ملايين مواطن شارك منهم في عملية التصويت نحو 318 ألفاً بما يمثل وفق بعض الإحصائيات نحو 4% من العدد الإجمالي، وهو رقم جد ضئيل بالنسبة لعملية انتخابية من المفترض أنها تضع مصر على عتبة مرحلة جديدة في تاريخها في ضوء طبيعة التحولات التي مرت بها البلاد على مدار السنوات الثلاث الماضية.
ورغم استغلال بعض التيارات الإسلامية – خاصة التي تمثل الفكر الإخواني - لهذا الأمر واعتباره يمثل موقفا من النظام الحالي ورفضا لما يتم وصفه بـ«الإنقلاب»، فإنه من الصعوبة بمكان اختزال الأمر في هذا التفسير الضيق، وإن كان لا يخلو من قدر من الصحة في أحد جوانبه.  فلا شك أن حجم المشاركين في التصويت من المصريين بالخارج يعكس موقفاً من قبل فريق يرفض ما جرى في 30 يونية والاعتراف بما حدث كـ «ثورة». غير أنه لا يمكن القول إن القطاع الأكبر عزف عن المشاركة على خلفية هذا الموقف، وهو ما يؤكده أن حجم هذا العدد لم يختلف كثيرا عن حجم المشاركين في التصويت خلال الانتخابات الرئاسية الماضية والتي تنافس فيها مرسي وشفيق.
وعلى ذلك يمكن الإشارة إلى أنه مما قد يفسر حجم المشاركة القليلة حداثة التجربة الديمقراطية في مصر، وهو ما تؤكده التجارب السابقة على مدى سنوات ما بعد ثورة يناير. فضلاً عن ذلك فمما قد يفسر الإقبال المحدود من المصريين

في الخارج ما يمكن وصفه بـ«روتنة عملية التصويت» بمعنى تحولها إلى عملية روتينية حيث شهدت مصر خلال السنوات الثلاث الماضية ست عمليات تصويت في الداخل والخارج منها عمليتا استفتاء وعمليتا انتخابات رئاسية وواحدة برلمانية وأخرى لمجلس الشورى.. على عكس النمط المعتاد في العملية التصويتية والتي تتم في العادة كل عدة سنوات وهو ما قد يكون أصاب الناخب بحالة من الملل وفقدان الرغبة في المشاركة.
فضلاً عن ذلك فإن طبيعة الاختلاف حول مسار العملية السياسية في مصر بعد 30 يونية ألقى بتأثيره لدى فريق كبير ليس لجهة التأييد أو الرفض وإنما لجهة الاعتزال.. فنشأ ما يمكن وصفه بـ«تيار اعتزالي» يرفض الانخراط في تأييد هذا الطرف أو ذاك سواء على مستوى الانقسام الأساسي بين الدولة وتيار الإخوان أو بين المرشح الرئاسي الذي يمثل الدولة وهو السيسي والمرشح المنافس وهو صباحي، الأمر الذي يثير قدراً كبيراً من المخاوف بشأن حجم المشاركة في عملية التصويت التي تبدأ اليوم وغدا. وتبدو دلالة هذا الأمر في ضوء حقيقة أنه تم مد التصويت في انتخابات الخارج لمدة خمسة أيام فضلا عن عدد من التسهيلات التي تشجع الناخب على الإدلاء بصوته وهو ما لم ينعكس في حجم الإقبال.
هل يعبر ذلك عن أزمة؟ من المؤكد. هل هناك إدراك لطبيعة هذه الأزمة وجهود لحلها؟ نعم وإن كانت لا توجد رغبة بحلها. مؤدى ذلك أنه إذا كانت مصر تبدأ مرحلة جديدة فإن غموض مسيرتها يبقى هو الأمر الذي ينبغي مواجهته والعمل على تجاوزه.
[email protected]