رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أنت «رابعة» ولا «سيسى»؟

لم تكن صدمتي في ذلك اليوم – الأربعاء الماضي - واحدة بل اثنتين.. ولم أكد أفيق من الأولى حتى كانت الثانية تنفجر في وجهي كالقنبلة.. فبينما كنت عائداً إلى مقر «الوفد» مساء الأربعاء الماضي بصحبة أحد الأصدقاء استرعى سمعى تلك العبارة التي يوجهها أحد الواقفين بجوار محطة الحافلات قرب كوبري الدقي لأحد ركاب الميكروباص المتجه إلى إمبابة: «اضربه ده إخوان».. حين اصطدم بي هذا الشخض لدى مروره كدت أن أستوقفه غير أن الخشية من أن يتصور أن بي مساً من الجنون منعتني من أي تصرف؟.. سألت نفسي: إلى هذا الحد وصل حد التمايز والتمييز بين المصريين ليصبح التقسيم بيننا كإخواني وغير إخواني على هذا النحو من الفجاجة؟

لدى وصولي المنزل استقبلني أولادي بحكايات المدارس التي يحرصون على سرد تفاصيل جانب منها وكانت صدمتي أشد.. روى لي الأكبر بالصف الثالث الاعدادي, أنه فيما ينتظر هو وأخوه السيارة التي تقلهما للعودة إلى المنزل استرعى انتباهه حديث تلميذة بالصف الأول الابتدائي مع زميلها تسأله: أنت رابعة ولا سيسي؟.. فرد عليها قائلاً: لا أنا مرسي!
في تلك الأثناء كان أحد الآباء ممن يصطحبون أبناءهم بعد اليوم الدراسي، وهو من التيار الإسلامي حسب وصف ابني نظراً لكثافة لحيته واقفاً واستمع بالصدفة إلى الحوار فما كان منه إلا إجراء حوار مع التلميذة مؤكداً لها أن السيسي قاتل، وعندما بدا أنها لم تطاوعه أو توافقه راح يحذر الولد الذي يقول إن مرسي رئيسه من التعامل معها وراح يربت على كتفه!
رغم الدلالة السلبية لموقف هذا الرجل على نمط العقلية التي يتم التعامل بها مع الأزمة التي تواجهها مصر في الوقت الحاضر، إلا أن المشكلة أن هذا للأسف يكاد أن يكون نمط التفكير الذي يحكمنا جميعاً في مصر في ظل حالة التراشق بين تيار الدولة والشعب في جهة وتيار مؤيدي حكم مرسي في جانب آخر.
تبدو الأزمة في شكلها الأكثر حدة في المواقف الحدية التي يلتزمها كل طرف بما يوحي بأننا قد نظل في الحلقة المفرغة التي نعيشها لفترة قد تطول.
من أغرب المواقف التي تكشف عن حدة حالة الاستقطاب السائدة بيننا تصريح أحد المسئولين بأنه يجري حالياً التفكير في تغيير اسم منطقة رابعة باسم جديد؟.. السؤال: وهل يجدي مثل هذا الأمر؟.. ولماذا؟.. إن النتيجة معروفة وقد تكون معاكسة.. مزيداً من التمسك بشعار رابعة والذي لا يعدو في الأصل أن يكون سوى علامة لسائقي الميكروباص بالتوجه إلى منطقة رابعة..

كما نفعل نحن سكان أكتوبر عندما نريد الذهاب إلى الهرم فنشير بما يشبه رقم «8»؟ أو إلى الحي السادس فنشير بأصبع واحد من اليد.. لماذا تلك الحالة من الثورة غير المبررة على إشارة لاعب الأهلي عبدالظاهر والتي حولت الأمر إلى صراع على رمز لم يكن له أن يأخذ كل هذه الأهمية؟
إن إشارة رابعة تكاد أن تتحول إلى رمز يماثل الصليب المعقوف الذي كان يستخدمه أتباع النازية في ألمانيا، في ذات الوقت الذي تجرى فيه مساع لصنع رمز بديل يمثل البطل هو السيسي الذي أصبح يمثل مجالاً للحساسية لدى الإخوان تماثل حساسية الآخرين من شعار رابعة، والصراع على «الشعار» و«البطل» يعكسان حالة الصراع التي نعيشها وتعمق الانقسام بيننا.
بعيداً عن أي سفسطات.. الطريق واضح ولكن الكثيرين، هنا أو هناك،  لا يرونه أو لا يريدون رؤيته.. ليس هناك مجال سوى التوافق الوطني وطي صفحة الخلافات، كيف؟.. هذا هو الواجب التفكير فيه وتوجيه الجهد الأكبر للعمل على تحقيقه.. فشعب منقسم بين أغلبية وأقلية وسط قوى تزيد من نطاق هذا الانقسام لن يكون له مكان بين الأمم.. ليس أمام الإخوان سوى قبول الأمر الواقع في إطار كونه جاء في الجزء الأكبر منه كنتيجة حتمية لفشلهم في تجربة الحكم بغض النظر عن التفاصيل وهي كثيرة، ويجب على النظام الحاكم أن يتجاوز حالة الخصومة وينظر للجماعة وأنصارها على أنهم في النهاية أبناء الوطن ذاته.. مصريون وليسوا من جنسية أخرى.. باختصار لابد من شق طريق ثالث لبدء مرحلة الخروج من عثرات ما بعد ثورة يناير إذا شئنا أن نخرج من عنق الزجاجة التي وضعنا أنفسنا فيها.


[email protected]