رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سمعة مبارك: صحف تغسل أكثر بياضاً!

نحن شعب يستحق الشنق وناكر للجميل، وإلا بماذا يمكن أن نفسر موقفنا الجحود مع الرئيس الأسبق مبارك، فالرجل خائف علينا وعلى مستقبلنا ونحن لا نستحي ونذكره بكل سوء، دون أن نكتفي بما رحنا نصفه بأنه ثورة أطاحت به من منصبه وجعلت أهله يعيشون حالة نفسية سيئة.

الرجل يقبل على نفسه الضيم والحبس في المستشفى رغم أنه من حقه يخرج ويعيش حرا طليقا، ونحن ما زلنا نحاول أن نرمي بـ «بلاوي» مصر على فترة حكمه. الرجل ترك قبل أن يرحل عن الحكم في الدولة أكثر من 51 مليار دولار في حين أن الموجود الآن 18.5 فقط حسب آخر البيانات منها 12 ملياراً مساعدات من السعودية والإمارات والكويت يعني 6.5 فقط، أي أننا أهدرنا منذ خروجه من الحكم نحو 45 مليار دولار، والمشكلة أنه لا يوجد أحد يقول له أين ذهبت هذه المليارات؟
هل أدركت الإثم الذي ارتكبته أنت وأنا حينما خرجنا في الشوارع نردد «يسقط يسقط حسني مبارك». لو أن الأمر بيدي لبحثت عن كل من رفع لافتة «ارحل» في مظاهرات ما قبل 11 فبراير وقطعت أيدي كل من شارك في هذه الجريمة البشعة برفعها. لو أن هناك عدلاً فعلا حسبما يدعي من يقدمون أنفسهم على أنهم من ثوار يناير لأقمنا نصباً تذكارياً لمبارك في عدة ميادين كنوع من التعويض عما لحقه من ضرر بعد 25 يناير، ولألغينا اسم «الشهداء» عن محطة مترو رمسيس وأعدنا اسم «مبارك».. الآن الآن وليس غدا!
قد تسألني : وهل صحوت فجأة - كاتب هذه السطور - لتتوصل إلى كل هذه الاكتشافات التي توزع معها الاتهامات بالإثم على كل أفراد الشعب؟ أقول لك لا، ولكني شعرت بوخزة الضمير تلك، إثر ما قرأته في موقع «الوطن» الجمعة الماضية من تصريحات لمصطفى يونس بعد زيارته للرئيس. في البداية شككت وتصورت أن في الأمر محاولة لغسل سمعة مبارك، ولكن ما نبهني إلى أن شكي في غير محله الدمعة التي نزلت من عيني و«ساحت» على لوحة الكمبيوتر بفعل كلمات الرجل المؤثرة .. فمبارك، حسب عناوين «الوطن»، حزين على حال مصر ولن يستريح إلا بعد الحصول على البراءة، كما أنه أيضا.. مش عايز يخرج من المستشفى عشان ما يعملش مشاكل للبلد لأنه يحبه.. الشىء الوحيد الذى يحز فى نفسه كثيراً، اتهامه بقتل المصريين، لأن: «قتل المصريين جريمة لا يمكن أن أفعلها، ولا يمكن أن أصدر تعليماتى بقتل المصريين».. وأخشى ألا يكون معنى ذلك فقط تبرئة مبارك وإنما تبرئة مرسي أيضاً.. فهذا أمر في هذه الحالة يبدو منطقيا.
ولأن الرجل يدرك حجم الاهتمام الكروي في مصر، فقد أبدى حزنه الشديد على هزيمة المنتخب بسداسية من غانا، وقال: إنها مفاجأة لم يكن يتوقعها، وإنها زادت حزنه على البلد وعلى أحوال المصريين الذين لا يجدون فرحة لهم، بما يعني بمفهوم المخالفة أننا كنا نعيش حالة من الأفراح خلال حكمه، باستثناء الكارثة الكروية مع الجزائر التي تسبب فيها نجلاه.
أعوذ بالله أن أكون من المبشرين بعودة حقبة مبارك أو نسخة شبيهة منها، ولكن هذا يعزز ما يردده «مغرضون» من أن إعادة إنتاج ما يسمونه دولة ما قبل يناير عملية تسير على قدم وساق وأن

موعد افتتاح هذه الدولة الجديدة قد يتم إعلانه قريبا. قد يكون في رأي هؤلاء المغرضين مبالغة ولكنها لا تخلو من قدر من الصحة حينما تلمح كل هذا الإلحاح الذي يعزف نغمة واحدة.
قد لا يكون هناك ثأر «بايت» بين المصريين وبين مبارك، ولكن العبرة بنتاج حكمه وهو في كافة التقارير والكتابات وما لمسه الشعب بنفسه نتاج سيئ وقاد البلد للوراء.. بما يعني أنه عند الحديث عن مصالح ومستقبل الدولة لا يجب أن يكون الأمر مفتوحا للعواطف. فأين كان كل هذا الحب الذي يكنه مبارك لمصر حينما سمح بخرابها وتجريفها على مدى سنوات حكمه الثلاثين؟
أين كان كل هذا الحب حينما تلاعب بمصير الدولة لمصالح فئة ضيقة من رجال الأعمال يحاولون الآن العودة واسترداد ما قد يكون فاتهم من خلال تلميعه عبر وسائل الإعلام التي يمتلكونها ويسعون بكل ما أوتوا من قوة لتزييف وعي المصريين؟
الغريب، وفيما أعاد إلى ذاكرتي حديث البعض عن كتائب الإخوان الإلكترونية، أنه يبدو أن هناك كتائب إلكترونية للمنادين بعودة دولة ما قبل يناير أو الدولة المباركية، يمكنك أن تلحظ ذلك بسهولة من خلال التعليقات العشرين الأولى على تصريحات مبارك وكلها تمجد في الرجل وتعتبره الشخصية «الفلتة» التي لن تنجح مصر في تعويضها! وإليك عينة ما قاله أحد القراء من كتيبة «آسفين يا ريس» الإلكترونية: «مهما حصل ومهما تغيرت البلاد والاحوال ستظل انت البطل القائد الذى فعل الكثير والكثير من اجل مصر وستظل من اعظم ابطال حرب اكتوبر المجيدة رغم انف كل حاقد او مزور للتاريخ». لو كانت الفقرة السابقة صحيحة لكان معنى ذلك ما أشرت إليه في أول سطور المقال من أن كل المصريين الذين خرجوا ضد مبارك يستحقون الشنق.
رغم حالة التشوش التي أصابتني بعد قراءة هذا الموضوع تذكرت التسريب الخاص بمرسي والذي نشرته الجريدة ذاتها وهو تسريب أمني لا محالة. سألت نفسي هل هناك تنسيق أو ارتباط أو أي علاقة ذات معنى؟. بدا لي السؤال مفتوحا وأن الإجابة عنه تجسد مقولة السهل الممتنع.. فلم أملك سوى الدعاء بالرحمة على شهداء يناير الذين نتمنى ألا يكون ضاع دمهم هدرا!

[email protected]