رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

من أب «موجوع».. لوزير تعليم «افتراضى»!

على كثرة ما يصلني من رسائل بريد إلكتروني فإن القليل منها يستوقفني لقراءتها بالكامل، ومنها تلك الرسالة التي تعبر عن أزمة عامة من الواضح أننا عاجزون حتى الآن عن حلها، ولأني وجدت فيها تعبيراً صادقاً عن أزمة الكثير من الآباء أعرضها كما هي علها تفيد.. يقول الأب:

من أب موجوع لوزير تعليم افترض وجوده ولا أشعر به.. يا سيدي أنا أب لثلاثة أبناء في مراحل مختلفة من التعليم قبل الجامعي قضوا أغلب سنوات تعليمهم خارج البلاد، وعادوا للبلاد منذ 3 سنوات حيث دخلوا مدارس خاصة معقولة تصل رسومها للثلاثة أكثر من 36 ألف جنيه. على مدى أكثر من 12 سنة لم يدخل منزلي مدرس أو يتلقى أي من الأبناء الثلاثة درساً خاصاً خارج المنزل.
مع قرب دخول ابني الصف الثاني الثانوي العام الماضي بدأت حالة الهوس بـ «فوبيا» الدروس الخصوصية تنتابني ورحت أجهد تفكيري في كيفية مواجهة ذلك المأزق حيث كانت على النظام القديم – ثانوية نظام السنتين – ما كان يعني ضرورة أن يدخل ابني هذه الموجة. من فرط قلقي توجهت لوزارة التربية والتعليم حيث مكتب الوزير لأعرض شكواي وخوفي من أن ينتظم ابني في المدرسة دون أن يضمن وجود مدرسين حسب الواقع القائم الذي يتمثل في توقف العملية التعليمية بالمدارس للصفين الثاني والثالث الثانوي قبل تطبيق نظام السنة الواحدة.
بدا أن مسئولي مكتب الوزير ينظرون لي بدهشة من هذا الكائن الغريب الذي يبدو أنه آت من كوكب آخر ليعرض شكوى ليس لها محل من الإعراب لديهم، وإزاء إصراري حولوني على التعليم الخاص. وبعد فشل هذا الاخير طلبوا مني كتابة طلب – ما زال رقمه موجوداً لدي حتى الآن – فما كان من وكيل أول الوزارة الدكتور رضا مسعد إلا أن اتصل بي يواسيني ويعلن تضامنه مع شكواي معترفاً بالفشل في مواجهة هذه الظاهرة وأن على التكيف مع حالة المجتمع الذي أوجد فيه.
انتابني اليأس لفترة إلى أن جاء الفرج من عند الله على يد النظام الإخواني السابق بقرار إلغاء نظام السنتين والعمل بنظام السنة الواحدة للثانوية العامة.. حمدت الله أن ذلك سيعفي ابني من سلك الدروس الخصوصية ورحت أردد بيني وبين نفسي أن طولة الأمل قد تحقق المطلوب وازدادت لدي الأماني بتطوير الموقف وتطبيق النظام بالكامل على السنة الباقية من الثانوية بأي شكل من الأشكال.
ولأن ليس كل ما يطلبه المرء يدركه فقد جاءت بدايات العام الدراسي الجديد أواخر الشهر الماضي دون مؤشرات على حل، لم أيأس وقلت أبحث عن حل بنفسي. توجهت لمدرسة ابني لترتيب الأمر بشكل ودي. هناك استقبلتني مشرفة المرحلة بترحاب ليس له نظير. قلت في نفسي هذه السيدة في غير مكانها.. وأفضل موقع لها مديرة التشريفات والمراسم برئاسة الجمهورية أو ممثلة العلاقات الخارجية المصرية لدى الاتحاد الأوروبي على غرار منصب أشتون.. ولم يتسرب لدي

الشك عند هذا الخاطر في انها ستجعل المعونات الأوروبية تأتي إلينا بالجملة من فرط قدرتها على الإقناع.. أكدت لي المشرفة ضرورة عدم القلق وأن الأمور ستجري على النحو الذي أريد وأكثر.. وفي التفاصيل أن المدرسة ستلتزم – على خلاف الوضع المتسيب في غيرها من المدارس – بأربعة أيام دراسة للصف الثالث الثانوي كل يوم أربع ساعات تغطي من خلالها كافة مواد المنهج، كدت أطير من الفرح ولولا حرصي على شكلي لجذبت رأس المشرفة وقبلتها.
غير أن المفاجأة أو المهزلة بمعنى أصح كانت مع بداية العام الدراسي.. فإثر استلام ابني لجدول الحصص فوجئ بتخفيض الساعات الأربع إلى ثلاث وبدلاً من بدء اليوم الدراسي من الثامنة صباحاً حتى الثانية عشرة ظهراً، كان القرار بأن يبدأ اليوم من الثامنة والنصف صباحاً وحتى الحادية عشرة والنصف قبل الظهر، ليس ذلك فقط بل إن الجدول يتضمن حصص الميوزيك والرسم والألعاب.. وكل ما يخطر على بالك من مواد ترفيهية!.. وحين راح يسأل ابني عن سبب تخفيض  اليوم الدراسي إلى الحادية عشرة والنصف كانت المفاجأة.. إن ذلك من أجل إتاحة الفرصة لبدء «سنتر المدرسة»!.. عندما حكي لي ابني ذلك أدركت الحيلة وأن المدرسة تسعى لأن تأخذ المصاريف مرتين مرة المصاريف الرسمية المقررة وهي تتجاوز عشرة آلاف جنيه ومرة ثانية من خلال مصاريف دروس السنتر التي قد تتجاوز 500 جنيه شهرياً.. تأكد لي ذلك مع مماطلة المدرسين الأساسيين للتدريس للطلبة خلال الساعات الأساسية، شعرت بالخديعة ولم أدر كيف أتصرف، فكرت في أن أتوجه للوزارة وتذكرت رحلتي العام الماضي التي ذكرتها في السطور السابقة.. وسألت نفسي لو أن هناك وزيراً للتعليم بشكل حقيقي هل كان يمكن لهذه المهزلة أن تتواصل؟.. شعرت بأن مستقبل ابني أصبح على كف عفريت.. لم أجد أمامي سوى الشكوى إلى الله فهو الملاذ وله الأمر من قبل ومن بعد.. فهو حسبي ونعم الوكيل!


[email protected]