عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المتوالية الهندسية للاحتجاجات.. و"الخيار شمشون"

 

علي ذكر أهمية نقد الثورة ولكن من موقع الناصح الأمين وليس التربص نشير الي أنه مما قد يكون من سلبيات الحالة المصرية بعد 25 يناير أنها أخرجت ما يمكن وصفه بمارد الاحتجاجات من القمقم، فأصبح المشهد المصري محتشدا بالمظاهرات من كل صنف ونوع بشكل يثير التساؤلات حول مستقبل الأوضاع في البلاد في ظل هذه الحالة "السيولة الاحتجاجية"!

ما عليك سوي القيام باختيار عشوائي لأي جريدة أو موقع اخباري إلكتروني وسوف نجد أنه مزدحم بأنباء الاحتجاجات الشعبية الفئوية والطائفية والنخبوية وعلي كل لون! ولا تضحك إذا وجدت ان المظاهرة قد خرجت من أجل الشيء ونقيضه ما يشير الي أننا لا نعرف ماذا نريد بالضبط! المهم أن نحتج وكفي.. ألسنا في مرحلة ما بعد الثورة! خذ مثلاً الاحتجاجات المتواصلة علي خلفية تغيير المحافظين.. كان ذلك أحد مطالب الثوار باعتبار هؤلاء أركان النظام السابق، غير أنه ما كاد يتم القرار حتي خرجت مظاهرات في عدة احتجاجات علي تعيين المحافظين الجدد، كان التصور أن حركة التغيير ستصب في سيادة حالة من الرضا الجماهيري غير أن الغضب الذي ساد عدداً من المحافظات يؤكد حقيقة المثل القائل إن ارضاء الناس غاية لا تدرك!

السؤال الذي يفرض نفسه ماذا يفعل المجلس العسكري ومجلس الوزراء لكي يحقق حالة الرضاء الكامل من قبل الجماهير؟ هل من المفترض أن يلجأ المجلس العسكري الي المواطنين فردا فرداً ويستطلع رأيهم بشأن من يعينه محافظا؟ وإذا كانت هناك وسيلة كالانتخاب يمكن ان تحقق ذلك فأليس من الممكن القبول بما تم علي أساس أن يتم السعي للأخذ بالأسلوب الانتخابي فيما هو مقبل من أيام؟

إنها الفوضي بعينها والتي يجب أن يحزم المجلس العسكري ومجلس الوزراء أمره لمواجهتها حتي لو بالتطبيق الفعلي لقانون الطوارئ كما راح البرادعي يشير في تصريحات له إلي خلفية حالة الانفلات المجتمعي التي تسود مصر حالياً.

وإذا كان يمكن أن نلتمس العذر للمحتجين علي المحافظين ولغيرهم من المشاركين في احتجاجات أخري باعتبارهم من بسطاء القوم.. فبماذا نفسر المظاهرات التي يقوم بها أعضاء هيئات التدريس للمطالبة بتغيير جميع القيادات الجامعية مع نهاية العام الجامعي الجاري، واختيار

القيادات الجديدة بالانتخاب المباشر من أعضاء هيئة التدريس حتي رؤساء الأقسام وزيادة رواتب اعضاء هيئة التدريس تدريجيا.

إن هذه الفئة من المفترض أنها أكثر الفئات المجتمعية وعيا وهو ما يعني ادراكها ان الآوان ليس آوان المطالب الفئوية وأنه من الاولي الانتظار حتي نهاية العام علي الاقل للتعبير عن رأيهم بالتظاهر، ولكن الكل للأسف يتعامل مع الموقف باعتباره غنيمة وأنه حان وقت قطف الثمرة! التي صبرنا عليها 30 عاما ولم يعد في وسعنا ان نصبر عليها شهوراً أخري!!

واقع الأمر ان هذه الاحتجاجات التي تتزايد بمتوالية هندسية وليس عددية تفاقم الموقف سواء، ويزداد هذا السوء إذا تمت الاستجابة لها.. فمن أين تمول الدولة زيادات رواتب وحوافز وبدلات ومكافآت كل هذه الفئات والأعداد فيما عجلة الاقتصاد في الدولة متعطلة بفعل تطورات الثورة، وهو التعطل الذي قد يكون أمراً طبيعياً أو مفهوماً علي أن يكون إلي حين، وليس لأجل غير محدد.

والنتيجة الحتمية التي يجب أن نضعها في اعتبارنا أننا بهذه الاحتجاجات نضغط علي المجلس العسكري ومجلس الوزراء بالشكل الذي قد ينتهي بهم - لا قدر الله - إلي الفشل وهو فشل سينعكس بالسلب علي كل من شارك في مظاهرة فئوية قبل غيره حيث لن يجد من يحقق له مطلبه الفئوي في المستقبل، إن المحتجين بذلك يتبعون منطق علي وعلي أعدائي أو.. الخيار شمشون.. وتلك أكبر حماقة يرتكبونها في حق أنفسهم وحق الثورة!