رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لماذا أصوت بـ «لا» فى الاستفتاء؟

من المفترض أن أتوجه السبت المقبل للإدلاء بصوتى فى الاستفتاء ضمن المرحلة الثانية من عملية التصويت. ومنذ صدور قرار الرئيس مرسى بتحديد منتصف ديسمبر موعدا للتصويت

كنت قد حسمت أمرى بالتصويت بـ «لا» بل ووجدت نفسى منخرطا فى دعوة كل من يستشيرنى ممن لم يحسم خياره بالتصويت بـ «لا» عارضا منطقى لأسباب هذا الموقف، رغم أننى وفى حدود رؤيتى لتطورات المشهد السياسى منذ لحظة ما بعد الإعلان الدستورى قبل المعدل من المفترض أن أصوت بنعم.. فقد كنت أميل – وهذا اجتهاد خاص بى – إلى أن الموقف أصبح يتطلب وقفة يمكن معها الانطلاق إلى المستقبل وهو أمر لن يتم سوى بانتهاء أعمال الجمعية التأسيسية التى طالت دون أن يبدو فى الأفق مؤشرا على قرب انتهاء أعمالها.
المهم جاء قرار الرئيس مرسى ليضع حدا لهذا الأمر بطريقة بدت ضمن مجموعة نصوص الإعلان الدستورى الذى أصدره مصدر رفض من القطاع الأكبر من القوى الثورية والوطنية على النحو الذى لمسناه خلال الأسبوعين الماضيين من أحداث دفعت بنا فى موجة من عدم الاستقرار وأعادت للأذهان تحركات الشارع خلال الأيام الأولى لثورة 25 يناير. قد نسمى هذا الأمر ونصفه بأنه تباين فى الرؤى للمستقبل أو شيء من هذا القبيل غير أن الخطوات التى أقدم عليها النظام السياسى فيما بعد كانت تفرض وقفة هادئة وعاقلة معه.. ليس بمنطق الصدام وإنما بمنطق الوصول إلى الأفضل بافتراض حسن النوايا ووطنية الأهداف وهى الوقفة التى أدى غيابها للمأزق الذى نشهده الآن.. لكل من النظام والمعارضة على حد سواء.
لقد انخرط النظام وبالأحرى الرئاسة وحزب الحرية والعدالة فى مسعى لتمرير الدستور بأى شكل مهما كانت العقبات وهذا هو مصدر التحفظ بالنسبة لي.. الجانب الإجرائى بما تبعه من خطوات تجعل الدستور غير محل إجماع أو توافق وطنى عام بغض النظر عن ماهية النصوص.. وهنا ينبغى أن نقر بأنه قد يكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل التواصل إلى رضاء كامل عن نصوص أى دستور.. غير أن ذلك لا يعنى بأى حال من الأحوال أن يكون الدستور نصوصا وآلية تمرير معبرا عن رؤية فصيل واحد أو مجموعة فصائل لا تعبر عن جموع المصريين. كانت نتيجة ذلك خروجا ما وصفه البعض بدستور منتصف الليل فى إشارة إلى العجلة فى إعداده.. ليس لدى اعتراض محدد على الدستور بشكل يرتقى إلى معارضته.. حتى ما أشار إليه البعض من تحفظات رغم وجاهتها إلا أننى كنت أرى أنه يمكن تجاوزها خروجا من مرحلة انتقالية سلبياتها فاقت إيجابياتها بمراحل.
وعلى ذلك وإزاء تمترس النظام الإخوانى بمواقفه كانت النتيجة ما نراه الآن من موقف لا نحسد عليه.. استفتاء هزيل لا يمكن بناء على نتيجته حتى لو كانت ب «نعم» فى المرحلة الثانية دخول غمار مرحلة جديدة بناء عليه.. فمن غير المقبول أن تدخل مصر الجديدة مستقبلها بعد الثورة بناء على دستور لم يوافق عليه سوى أقل من عشر المواطنين. على الجانب الآخر فإن تشدد فصائل من المعارضة فى مواقفها انتهى بها

إلى القبول بنتائج لم تكن ترضى بها من الأصل.. ولنا فى مطلب الدكتور البرادعى بإعادة العمل بدستور 71 نموذجا.. الدستور الذى خرجت الجماهير فى ثورة من أجل إسقاطه وإسقاط النظام الذى يمثله يطالبنا البرادعى بقبوله. وبعد أن كان المعارضون يرفضون الاستفتاء لم يجدوا أمامهم سوى القبول به رغم أن الإقدام على هذه الخطوة مبكرا كان من الممكن أن يوفر فرصة أفضل لحسمه من المرحلة الأولى بفضل ما تمتلكه المعارضة من أدوات سواء ممثلة فى الإعلام من فضائيات خاصة وصحف مستقلة أو قضاء اتخذ موقف الرفض تجاه النظام وكان يمكن حال إشرافه على الاستفتاء أن يضمن نزاهته بما يجعله يخرج بنتيجة تعبر بحق عن موقف الجماهير.
مؤدى ذلك أن التصويت بـ « لا» وعدم تمرير الدستور قد يكون المخرج المناسب للأزمة التى نواجهها.. وبما يحفظ ماء وجه الأطراف المختلفة المنخرطة فى الأزمة. فمن ناحية يجنبنا سيناريو تفاقم حالة التوتر وعدم الاستقرار التى قد تحدث فى ضوء رفض المعارضة نتيجة الاستفتاء ولها فى ذلك مبرراتها التى قد تبدو مقنعة، وقد بدأت إرهاصات ذلك من مليونية من المفترض أنه جرى تنظيمها أمس، ودعاوى قضائية بوقف المرحلة الثانية وإلغاء نتيجة الأولى. كما أن ذلك يجنبنا فى الوقت ذاته دستورا يبدو للبعض «لقيطا» وهو مالا شك سينعكس على كافة أوضاعنا المستقبلية. ومن ناحية أخرى فإن «لا» تتيح للمعارضة الشعور بتحقق مطالبها ولو جزئيا بما يجعلها تنخرط بشكل أكثر جدة فى العملية السياسية بعيدا عن حالة المقاطعة التى تصر عليها للحوار مع الرئاسة، بل ويلقى الكرة فى ملعبها فى ضوء ما نص عليه الإعلان الدستورى المعدل من تحديد جدول زمنى أو خارطة طريق لمسيرة التأسيسية، من المتصور معه أن تصبح مسئولة بشكل كبير عن أى تعطل مستقبلى للدستور. قد يكون هذا صوت العقل وقد لا يكون سوى أضغاث أحلام.. غير أن الأمر يتطلب منا فى كل الأحوال قدرا من الهدوء والتعقل إذا أردنا الخروج من النفق المظلم الذى نمر فيه.
[email protected]