رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكم الإخوان.. ومستقبل الديمقراطية الإسلامية

لعلنا لا نتجاوز الحقيقة إذا قلنا إن التجربة التي تشهدها مصر الآن والممثلة في وصول الإخوان للحكم سيكون لها تأثير حاسم في مسار الكتابات ومحاولات التنظير لما يوصف بالديمقراطية الإسلامية، بما يمكن معه الخلوص في النهاية إلي إجابة للسؤال الذي طال ترديده حول: هل توجد في الإسلام مقومات ديمقراطية أم لا؟.. أو هل يمكن للديمقراطية أن توجد في سياق بيئة إسلامية أم لا؟

فعلي مدي أكثر من ثلاثة عقود وبالتحديد منذ قيام الثورة الخومينية في إيران ازدهرت أدبيات الكتابة حول الديمقراطية الإسلامية سواء في الغرب أم علي صعيد العالم العربي وإن كانت في هذا الأخير بدت علي استحياء، وقدم لنا العديد من المفكرين والكتاب إسهامات متنوعة ومتعددة حول هذه القضية، منها كتاب المفكر الأمريكي جون اسبوزيتو «الإسلام والديمقراطية» وغيره وكذلك كتاب الدكتور معتز بالله عبدالفتاح «المسلمون والديمقراطية» وكتاب مركز الأهرام للدراسات الذي صدر بعنوان: «إسلاميون وديمقراطيون» وغيرها من سيل المقالات والدراسات الغربية والعربية.
علي الصعيد الغربي كان السؤال الأساسي يدور حول مدي توافق الإسلام مع الديمقراطية انطلاقاً من فرضية صعوبة هذا الأمر.. ويلحظ المرء أن كلمة توافق Compatible تكاد في أغلب الكتابات الإنجليزية تكون مرتبطة بالحديث عن الإسلام والديمقراطية. لا نبالغ إذا أشرنا إلي تسيد وجهة النظر التي تميل إلي التشكيك في إمكانية تعايش المسلمين مع الديمقراطية وبرزت أصوات عدة في هذا الصدد تؤكد أنه في الإسلام ليس هناك مجال سوي لصوت واحد ولمرة واحدة.. في نفي واضح لفكرة تداول السلطة. فيما راح البعض الآخر يقدم رؤية بالغة التشويه بالقول بأن المسلمين لا يجيدون التحاور سوي من خلال الـ Bulletأي الرصاص وليس الـ  Ballot أي الاقتراع. فيما كان الموقف بالغ الاختلاف علي الصعيد العربي حيث كان موقف الأغلبية أن الإسلام يتضمن في مبادئه وقيمه بذوراً ديمقراطية وسادت نظريات عديدة تحاول التأصيل لهذا الاتجاه.
بعيدا عن مجالات الفكر كان الأمر في الواقع يسلك نهجا يصعب معه الانتصار لموقف أي طرف، وإن بدت الأحداث تعزز وجهة النظر الغربية باستعصاء انخراط المسلمين في المسار الديمقراطي. تعثرت الثورة الإيرانية ولم تتمكن بعد أكثر من ثلاثة عقود من تقديم نموذج ناجح يعبر عن الديمقراطية بنكهة إسلامية. ومن المفارقات أن دراسة عربية راحت تقدم خبرات التجربة الإيرانية باعتبارها ما لا يجب علي الإخوان أن يفعلوه إذا أرادوا تقديم نموذج ديمقراطي ناجح. كذلك الحال بالنسبة للتجربة السودانية التي فشلت فشلاً ذريعاً في تقديم نموذج علي الحكم الديمقراطي من إطار إسلامي بغض النظر عن الظروف التي مرت بها التجربة ولكن النتيجة واحدة.
ورغم الآمال التي علقت علي جبهة الإنقاذ في الجزائر إثر خوضها الانتخابات البرلمانية في أوائل التسعينات إلا أن مصادرة فوزها من قبل النظام الحاكم أعاق إمكانية تقديم تجربة جديدة تحاول المزج بين الإسلام والديمقراطية.
رغم كل ذلك ظلت الجماهير العربية والمسلمة تتطلع إلي الحكم الإسلامي في ضوء ما قدمته تنظيماته من جوانب إيجابية من موقع المعارضة بشكل جعلها موضع رضاء رجل الشارع العادي، وهو ما انعكس في نجاح حركة حماس في فلسطين في الوصول إلي الحكم من خلال صندوق الانتخابات متغلبة بذلك علي حركة فتح ذات التاريخ النضالي الطويل. غير أن أبعاداً خاصة بطبيعة المشكلة الفلسطينية انتهت

بوقف العملية الديمقراطية في ضوء الخلاف بين الفصيلين الرئيسيين فتح وحماس وانتهاء الموقف بسيطرة الأولي علي الضفة والثانية علي غزة.
علي ضوء هذه الخلفية تنحصر المشكلة من وجهة نظرنا في أنه رغم وجود اتجاه عام يؤكد أن الإسلام لا يعدم امتلاك العديد من أسس الحكم الديمقراطي إلا أنه علي أرض الواقع يبدو أنه، حسب البعض، يقدم أسوأ ما يتعلق بالديمقراطية ويجري هنا الاستشهاد بأنه من بين 64 دولة هي مجمل أعضاء المؤتمر الإسلامي لا يمكن اعتبار واحدة منها ديمقراطية باستثناء تركيا.. وهي التجربة التي يسود قدر من اللغط بشأن طبيعتها الإسلامية. ورغم أن هذه التجربة بالتحديد خلبت لب الكثير من العرب بعد موجة الربيع العربي إلا أن أردوغان صاحب نجاح التجربة يقدم رؤية صادمة بشأنها حين يصرح «إننا لسنا حزبا يعتمد علي مرجعية دينية ولسنا حزبا إسلاميا ولسنا أيضا ديمقراطيين إسلاميين».
هنا نشير إلي أنه في معرض التعاطي مع هذه القضية فإنه لا يكفي ترديد مقولات علي شاكلة إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان وإنما يجب أن يتحول هذا القول إلي حقيقة قائمة علي أرض الواقع، حتي بافتراض وجود خبرة تاريخية تدعمه فإنه يجب أن تجد تطبيقها في الواقع المعاصر حتي يمكن أن يحظي مثل هذا القول بنوع من القبول. نقول ذلك ونحن نؤمن بأن الديمقراطية ليست وصفة جاهزة لحل مشكلات الحكم والسياسة والتنمية ولكنها وسيلة للحكم أصبحت تلقي قبولا عاما علي المستوي الإنساني.
ومن هنا تأتي أهمية التجربة التي يقدمها الإخوان في الحكم باعتبارها ستكون الفاصلة أو ما يمكن وصفه بتجربة الفرصة الأخيرة في ضوء فشل بعض التجارب وعدم مواتاة الظروف لتجارب أخري. غير أننا نعود لنشير إلي أن المشكلة أن الإرهاصات الأولي تشير إلي بوادر للفشل، ليس الفشل فقط وإنما الفشل المبكر، وهو ما تشير إليه تحركات العديد من القوي السياسية حتي الآن في مواجهة سياسات الرئيس الذي لم يمض علي توليه الحكم 6 أشهر. صحيح أن هناك، كما نؤكد، ترصدً ومساعي لعدم إنجاح الإسلاميين، إلا أنه لا يجب الارتكان إلي ذلك في تبرير الإخفاق، حتي لا نظلم الإسلام أكثر مما ظلمناه.
[email protected]