رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الإخوان.. جناة أم ضحية؟

علي مدي أكثر من ثمانين عاماً ظل الإخوان في قلب المشهد المصري بل والإقليمي علي كافة المستويات وكانوا طرفاً فاعلاً في مختلف المراحل بالسلب إحيانا وبالإيجاب أحيانا أخري، غير أن ذلك شيء ووصولهم إلي الحكم بعد ثورة يناير شيء آخر. فلقد كان ذلك التطور بمثابة نقلة غير عادية في مسيرتهم وفي حياة المصريين لجهتين: فهذه المرة الأولي التي تتولي فيها الجماعة الحكم..

وينطبق علي هذا الوضع مقولة راحت السكرة وجاءت الفكرة، بمعني انتهاء وضع الإخوان كجماعة تعيش في حالة ترف توجيه الإنتقاد للنظام الحاكم ودخولها مرحلة تتلقي فيها هي ذاتها هذه الانتقادات في واقع مر شديد الوطأة علي القائمين عليه. وعلي مستوي ثان فقد تواكب ذلك مع مرحلة انتقالية في حياة المصريين عززت لديهم ثورة من التوقعات المتزايدة بشأن المستقبل.
ووسط حالة الاستقطاب بالغة الحدة التي سادت بين قطاعات المصريين بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية والفكرية والدينية كان نصيب الإخوان من الهجوم والنقد الكثير.. صحيح أن من قبل وجوده علي رأس الحكم ينبغي له أن يتقبل النقد وبصدر رحب، غير أن اللافت للنظر أن حجم السهام التي كانت موجهة للجماعة كانت من الكثرة بما يصعب معه القول بأنها تعبر عن تعامل طبيعي مع ظاهرة تستحق النقد والأخذ والرد. وقد وصل الأمر إلي حد ما أشرنا إليه من قبل بتبلور ما وصفناه بمصطلح «الإخوانوفوبيا».. والذي يرمز أو يشير إلي حالة الخوف المبالغ فيها من الإخوان وتصل إلي الخوف المرضي.
فهل يمكن اعتبار الإخوان ضحايا للحالة التي عاشتها مصر وعاشوها معها.. بعد يناير؟.. أم أنهم جناة ولم يجنوا سوي ما قدمته أيديهم بفعل ممارساتهم التي يراها البعض مشينة؟.. من المؤكد أن تقديم حكم يقترب من الصحة علي تجربة الإخوان فيما بعد الثورة يعتبر منقوصا وسابقا لأوانه.. لأن القضية محل الحكم ما زالت جارية وفي طور التشكل، غير أن ذلك لا يمنع بأي حال من تقديم رؤية أولية للمسيرة الإخوانية بعد الثورة.
قد لا يكون جديداً القول إن الإخوان – ومعهم بعض القوي السياسية الأخري - لم يكونوا وقود الأيام الأولي للثورة.. فقد بدأت الثورة شعبية ثم ركبتها بعض القوي السياسية المنظمة ومنهم الإخوان. والمشكلة – وقد يكون هذا الجانب هو الذي يمثل ضربة للإخوان في مقتل – أن ثمار الثورة بدا أنها تؤول بالكامل لهم.. وهو ما يفسر حالة الاستنفار في المشهد السياسي ضدهم ويتيح المجال بشكل كبير لمقولات علي شاكلة أخونة الدولة والهيمنة والسيطرة وغير ذلك من عبارات يرددها منتقدو الإخوان في الإشارة إلي سعي الجماعة للانفراد بإدارة المسيرة المصرية في مرحلة ما بعد يناير. ليس المجال هنا متاحا للتفصيل غير أن هذه الانتقادات لا تعدم الكثير من الأمثلة التي تؤكد علي صحة وجهة نظر مردديها.. وهو ما يؤكد فشل الإخوان في تنفيس حالة الاحتقان ضد وصولهم للحكم.
من جهة ثانية.. فقد بدا واضحاً أن الواقع المصري يختلف كثيرا عن المثال.. فالتركة ثقيلة ويئن بها حاملها أياً كان.. «نظام سابق أم جديد».. مبارك أم مرسي.. الأمر الذي انعكس في الفشل في تقديم بارقة أمل تتيح للمصريين الشعور بأنهم علي وشك الخروج من ضيق عيش النظام السابق إلي رغد حكم الإخوان. صحيح أن

السلوكيات السلبية للمصريين وحالات الغوغائية والانتهازية التي وسمت قطاعا كبيرا منهم كانت تعزز من فشل أي نظام إلا أن عدم القدرة علي التعامل مع هذه المتغيرات ساهم في تعزيز الصورة السلبية للإخوان أمام المواطن العادي الذي لا يهمه سوي تحسن ظروف حياته.
لا يمنعنا ذلك من الإشارة إلي أنه مما عزز من ذلك حالة التربص بالجماعة والتي لم تستطع التعامل معها بشكل يمكن معها احتواؤه.. لقد بدا أن البعض يقوم بوضع العصا في العجلة لعرقلة العربة عن المسير.. لا يهمه في ذلك مستقبل مشرق أم غير مشرق.. فالمهم هو النيل من الخصم حتي لو علي حساب المصلحة العامة، علي هذه الخلفية يمكن تفسير حالات المبالغة بشأن الكثير من مواقف الإخوان وممثليهم.. بشكل يمكن معه أن هذا السلوك أصبح موضوعا تحت عدسة مكبرة.. تجعل الناظر من خلالها يري «الحبة قبة».. خذ مثلاً بسيطاً مظاهرة أنصار الجماعة أمام مدينة الإنتاج الإعلامي التي تحولت في توصيف البعض إلي «حصار دام» أصبح يتشدق به الكثيرون في معرض انتقاد السلوك الإخواني.. وخذ أيضا موقف تلك المعلمة التي قصت شعر تلميذتين لديها.. وأصبح في منظور الكثيرين علامة علي «الزمن الإخواني» وإرهاصاته المستقبلية.
علي الجانب المقابل فإن المواقف التي تعبر عن مواقف إخوانية إيجابية لم تكن تلقي نفس الصدي من رد الفعل ومن ذلك رفض مرسي وقنديل ما يقدم لهما من هدايا تذكارية وبدء سن تشريع ينظم التعامل مع مثل هذه الهدايا وهو ما يمثل إغلاقا لباب كبير الضخامة والإتساع لظاهرة الرشوة التي كانت سوسا نخر في عظام النظام السابق وفي عظامنا كمصريين.. وبشكل يصعب معه القول إننا سنتخلص منه في المستقبل القريب.. إذا أضفنا إلي ذلك فتح ملفات الفساد علي مصراعيها.. فإنه يمكن لنا تصور أنه قد يكون في الحكم الإخواني مزايا لم يصادفها المصريون من قبل.
وإذا كان ليس مطلوباً منا التخلي عن خلافاتنا السياسية ورؤانا المتباينة للنهضة – التي شبعت انتقاداً – فإنه يبقي مطلوباً حد أدني من التوافق لعدم تمزيق وطن يبحث عن طوق نجاة في مرحلة حرجة من تاريخه.. وذلك هو المحك الحقيقي لمعدن المصريين.
[email protected]