عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الوطن يسقط في الفتنة!

الفتنة نائمة لعن الله من يوقظها .. ورغم ذلك فإن البعض يحرص على السقوط فيها أو إسقاطنا فيها بمعنى أصح. ألم يقل الحديث النبوي : حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات! وإذا كان يمكن استيعاب مفهوم هذا الحديث على مستوى الفرد والقبول به في إطار ما هو معروف عن طبائع البشر، فإنه من الصعب القبول به على مستوى الوطن، فليس مقبولا أن نقترب بالوطن من النار من أجل شهوات شخصية أو مصالح ضيقة.

وسواء كان موقف البعض بمحاولة إسقاطنا في الفتنة، بحسن نية أم بسوءها، عن قصد أم عن غير قصد.. فإن هذا ليس هو بيت القصيد وإنما المهم النتيجة. يقتضينا ذلك التساؤل حول أسباب حرص بعض الجهات على النفخ في حديث الفتنة فيما هي نائمة. ففي الوقت الذي اتحدت فيه مصر بكافة أبنائها وتياراتها خلف معركة طي المرحلة الإنتقالية التي نعيشها بمختلف ملفاتها من إنتخابات رئاسة ووضع الدستور وغيره، يخرج علينا البعض بمحاولة تأجيج الفتنة، وهو ما يبدو من السياق الذي طرحت به تصريحات الانبا مرقص في حوار صحفي أخير له منذ أيام تبدو بالغة العدائية وتضعنا في حالة استقطابية حادة رغم أن روح حديث الرجل لا تشي بكل ذلك وإنما تم تحميلها بأكثر مما تحتمل.
وإذا افترضنا روح الحياد والحرص على التوازن فلماذا لم يتم إبراز إشارة الرجل إلى أن العلاقة بين الكنيسة وجماعة الإخوان طيبة وكذا الإشارة إلى وجود أجواء تدل على استعداد الإخوان للحوار والتفاهم والحب بين شعب مصر الواحد، وهي كلها إشارات تقلل من قتامة الصورة. 
أقدر كصحفي أن السعي وراء التميز يقتضي في بعض الأحيان أن تكون الصحافة جزءا من الحدث أو صانعة له، ولكني أجد صعوبة في فهم أن تدفع تلك الرؤية بالصحافة أو الإعلام عموما إلى صناعة أزمة أو فتنة ، بشكل لا يمثل في النهاية سوى دفعا بالوطن إلى حافة النار.
إن التحرير، كما قال الأنبا مرقص ليس حكرا على أحد من المصريين، غير ان الوعي والمنطق يفرض علينا أن نجعله وعاءا للوحدة وليس الفرقة .. فالميدان الذي أصبح رمزا دوليا واصبح يتردد إسمه في مختلف المحافل العالمية لا يجب

أن يتحول إلى بؤرة للفتنة.
وإذا كان من الصحيح أن ملف قضايا العلاقات بين المسلمين والأقباط في الوطن ملئ بالتشابكات والتعقيدات ، وتناولها يجب أن يتم بمنتهى الصراحة، فإن ذلك يجب أن يتم بعيدا عن اللغة التحريضية. عدد الأقباط في مصر يجب أن يتم الكشف عنه حتى لا يكون ورقة في أيدي البعض، داخل الوطن أو خارجه، للتلاعب بها أيا كان هذا العدد سواء كان عشرة ملايين أم عشرين أم ثلاثين مليونا .. والنظرة للمصريين بعد ثورة يناير يجب أن تنطلق من أولوية مفهوم المواطنة وأن تأتي الديانة في مرتبة تالية.
من المفارقات في حديث مرقص تأكيده على التمثيل المناسب للأقباط في اللجنة التأسيسية للدستور وأنها يجب أن تضم على أقل تقدير 15 شخصا من الأقباط سواء ممن ترشحهم الكنيسة أو من يختارهم مجلسا الشعب والشورى في حين أن الكنيسة ذاتها أرسلت كشفا للمجلس العسكري به 13 شخصية فقط، يعني أقل من العدد المرغوب من مرقص!
في الحديث عن الأوطان يجب تذكر ما أشار إليه الرسول (ص) من التفرقة بين الجهاد الأكبر والجهاد الأصغر، وبمنطق القياس يجب التمييز بين الوطن الأكبر والأوطان الأصغر، وهو ما يتطلب ويعني ضرورة تغليب مصلحة الوطن الأكبر على الوطن الأصغر.. وذلك هو التحدي أمامنا جميعا وليس أمام جماعة أو فصيل بعينه، فقوة الوطن ليست في ناسه فقط وإنما بإنسجامه وتماسكه ووحدته أيضا .. فذلك هو المفهوم الحقيقي للقوة!

[email protected]