رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لماذا يحارب وزير التعليم نظام الثانوية الجديد؟

منذ اللحظة الأولى للإعلان عن اتجاه مجلس الشعب لمناقشة قانون الثانوية العامة الجديد الذي يقضي بتعديل قانون التعليم لتكون الثانوية العامة على مرحلة واحدة بدا وزير التعليم رافضا لهذا القانون بشكل يثير التساؤل حول أبعاد موقفه. ومع مواصلة المجلس مناقشة القانون واتخاذ خطوات على طريق تشريعه إتخذ الأمر شكل صراع مكشوف غير خفي بين المجلس والوزير..

فمجلس الشعب يصر على إتخاذ خطوات سريعة من أجل تطبيق القانون والوزير يبحث عن كافة الخطوات التي تعرقل القانون. وعندما لم يجد الوزير مفرا إزاء الموافقة بصفة نهائية على مشروع القانون عمل الوزير على فرملة القانون جزئيا بإثارة مدى قانونية تطبيقه على الطلاب المنتقلين إلى الصف الثاني الثانوي للعام الدراسي 2012 – 2013 . السؤال هو: لماذا يحرص وزير في مرحلة ما بعد الثورة على مواجهة نظام من المفترض انه يحاول القضاء على جوانب أساسية للخلل في العملية التعليمية زرعها نظام ما قبل الثورة؟ هذا هو السؤال الذي يظل لغزا يبقى بدون حل حتى اللحظة.
لقد طرح الوزير حججا واهية كلها تداعت أمام المنطق الذي يؤكد على ضرورة الإسراع بعلاج الخلل الحاصل في نظام الثانوية العامة. ففي البداية راح الوزير يشير إلى أن العملية التعليمية بحاجة لإصلاح شامل يتجاوز هذه العملية  الترقيعية .. وهذا حق يراد به باطل ذلك أن الإصلاح الشامل يتطلب عقود وطريق الألف ميل من المفترض أنه يبدأ بخطوة .. ومن هنا كان حتمية أن تتوجه عملية الإصلاح الى الجوانب العاجلة المتمثلة في التسرب التعليمي الذي يحدث لطلبة السنتين الثانية والثالثة من الثانوية العامة فضلا عن إنتشار الدروس الخصوصية في هاتين السنتين بالتحديد على نحو يلتهم ميزانية الأسر المصرية والتي يصبح معها دخول أي من أبنائها هاتين السنتين او هذه المرحلة بمثابة معاناة كانت مقصودة من النظام السابق.. ضمن سياساته التي إستهدفت شغل المصريين وطحنهم حتى تتواري أعينهم عن ممارساته السياسية.
وإزاء عدم صمود الحجة التي طرحها أخذ الوزير يسعى لكي نتحسر على المبلغ الذي سيضيع بسبب النظام الجديد وهو 115 مليون جنيه قيمة طباعة الكتب الجديدة وهو الامر الذي كان رد مجلس الشعب عليه واضحا أن ذلك المبلغ لا يمثل شيئا أمام مليارات الجنيهات التي تضيع في الدروس الخصوصية – قدرها المجلس حسب أحد الأخبار بنحو 7 مليارات جنيه مصري.
لم ييأس وزير التعليم من تقويض إصدار القانون وعلى ذلك راح يمارس ضغوطا مختلفة من أجل وقف تطبيق القانون فكان الضغط من أجل تقديم عدد من النواب طلبات باعادة المداولة في مشروع القانون لإعادته إلى لجنة التعليم لدراسته من جديد وهو ما يعني تفويت الفرصة على تطبيق القانون غير أن هذه الخطوة باءت بالفشل فلم يجد الوزير سوى مماحكته الأخيرة المتعلقة بمدى قانونية التطبيق على الطلبة الملتحقين بالصف الثاني الثانوي مدعيا أن الوقت غير كاف لجهة إعداد المناهج الجديدة وطباعة الكتب وغير ذلك. وهو أمر مردود عليه في ضوء أن القانون لم يقدم فجأة

وأن الوزير من المفترض أنه كان يعد نفسه لمختلف السيناريوهات التي سيتم العمل بها ومنها إصلاح التعليم ولو بشكل جزئي.
في محاولة الإجابة على أبعاد موقف الوزير تثور عدة تساؤلات.  أولها هل هو نوع من التضامن مع المدرسين الذين تضررت مصالحهم بشكل كبير بسبب القانون في ضوء كونه واحدا منهم وكان يمارس" فعل" الدروس الخصوصية؟ سبب محتمل. هل هي الرغبة في الخروج من الوزارة دون مشاكل في ظل مخاوف من أن يتسبب القانون في ثورة المدرسين في شكل وقفات احتجاجية على خلفية قضايا أخرى؟ ممكن. هل الوزارة التي يعد الوزير جزء منها لا تؤمن بالثورة وتعمل بشكل خفي على مواجهة اي تحولات ثورية؟ يجوز. هل الرفض انعكاس للبيروقراطية التي تحكم أداء الأجهزة الرسمية ، والتي تعد وزارة التعليم أحد معاقلها؟ أمر غير مستبعد.
لقد كانت الأسر المطحونة بفعل الدروس الخصوصية تنتظر من وزير ما بعد الثورة أن يتعاطف مع معاناتهم ويقف بقوة وحزم وراء اي خطوة تقضي على معاناتهم. وبدلا من أن يعلن الوزير ترحيبه بالقانون الذي يمثل قضاء جزئي على مشكلتي التسرب التعليمي والدروسي الخصوصية في هاتين السنتين والبدء في اتخاذ خطوات جادة للقضاء على المشكلة تماما من خلال أساليب مختلفة في السنة الواحدة – ثالثة ثانوي – إذا به يفرغ جهده للعودة بنا إلى الوراء.
لا استغرب ذلك في ضوء ما سمعته من حديث قيادة كبيرة بالوزارة خلال حديث هاتفي معي من انها تعلن بصراحة فشلها في إصلاح التعليم. غير أن الطامة الكبرى ان هذه القيادة وغيرها لم تستطع أن تتلقي هدية الثورة بالأسلوب الذي يليق .. على الأقل لكي تخرج من منصبها رافعة الرأس بأن جذور إصلاح التعليم تمت علي يدها. أيا ما كان الأمر .. فإن الواقع يقرر أن الخطوة الأولى في طريق الألف ميل قد بدأت .. ما يعطينا الأمل ببدء الثانية ولكن على يد قيادات أخرى لا تعرقل أو تعيق آمال المجتمع في تعليم أفضل.