رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

معارك صفوت حجازي «الدونكيشوتية»

أجزم أنني بلا خطيئة وإلا فليرجمني من شاء بحجر أو بأحجار الأرض جميعا.. وأؤكد أن بيتي من حديد وليس من زجاج وإلا فليتفضل من شاء بقذفه بأي طوب يلقاه في طريقه. هذا تنويه أراه ضروريا لكي يفكر من يرد ذلك بخاطره، بسبب عدم رضائه عما يلي من سطور، مرارا قبل أن يقدم علي فعلته!

والقضية التي أطرحها تتعلق بمواقف بعض خطباء الجمعة وشطحاتهم التي يتصورون معها أن علو منبرهم يعني علوهم علي الناس!.. وإلا فهل من المعقول لخطيب جمعة وإمام مسجد أن يدعو في سجوده علي أحد المصلين؟.. غير معقول طبعا، ولكن هذا ما حدث من الدكتور صفوت حجازي أحد النجوم الذين ذاع صيتهم بعد الثورة وبسببها في خطبته الجمعة الماضية! هل من المفروض أن يتوجه الخطيب زاعقا للمصلين بأن من لا تعجبه الخطبة والمسجد فمساجد الله كثيرة وعليه ألا يأتي لهذا المسجد ثانية؟.. من غير المفروض طبعا، ولكن هذا ما حدث من الدكتور حجازي.. هل من الإسلام أن يرفع المرء تهمة الكفر في وجه من يخالفه بشأن الجدل علي خلفية قضية سياسية؟.. ليس ذلك من الإسلام بالطبع، ولكن هذا ما حدث من حجازي الجمعة الماضية كذلك.
قد تعجب إذا قلت لك إن هذا «غيض من فيض» حوته خطبة حجازي التي ارتدي فيها رداء «دونكيشوت» وراح يحارب علي مدارها طواحين المصلين الذين لا حول لهم ولا قوة سوي تلقي «زعيقه العالي» بشكل بدا منفراً للكثير منهم وأثار حالة من الهمهمات حمدت الله علي أنها لم تنته بأزمة.. أعترف بأنني عندما رأيت ذلك المشهد دمعت عيناي حيث تذكرت «خطيبي» الذي كنت أشد الرحال إليه وعمري 17 سنة.. الشيخ إبراهيم عزت رحمه الله والذي يجب أن تقدم خطبه – وبعضها موجود علي الإنترنت – نموذجاً لكي يتعلم بعض خطباء هذا الزمان كيف يتعاملون مع المصلين انطلاقا من آداب الإسلام وأهدافه ومقاصده.
لست في موقف الواعظ ولكني أضيف أن من حق الدكتور حجازي أن يصول ويجول في خطبته كما يشاء ولكن من حقي أيضا أن أقول له إن خطبته محض سياسية وليست دينية وأنها قد تصلح في ميدان التحرير ولا تصلح في مسجد!.. من حق الدكتور حجازي أن يشارك في هيئة شرعية أو غيرها تضم مجموعة من العلماء الأفاضل يكون لها رأيها في كافة ما يواجه المسلم من قضايا، ولكن من حقي أيضاً، ومن حقي غيري، أن يكون لنا رأي مخالف في هذه القضايا وأن نطرح هذه الآراء علي الهيئة أو أي عضو بها دون أن يكون في ذلك أي غضاضة حتي لو كان هذا العضو الشيخ محمد حسان أو خيرت الشاطر أو أيا كان.. فهم كلهم بشر مثلنا .. يأكلون كما نأكل ويشربون كما نشرب.. بل ويتغوط بعضهم أكثر مما نتغوط!
كنت أود أن أطرح سؤالاً علي الدكتور حجازي الزاعق في

المصلين ليعلمهم الأدب احتجاجا علي نصيحة مصل: أين أنت من مقولة عمر بن الخطاب «أصابت امرأة وأخطأ عمر»؟.. حين لمحت مدي الاستنفار الذي بدا علي حجازي رحت أتعجب من دعوته للوحدة وتحذيره من الفرقة منذ أسابيع بعد ظهور نتائج الانتخابات من تناحر الأحزاب الإسلامية الفائزة – «الحرية والعدالة» و«النور» - وانخراطه هو في حالة خصام وتنافر أشد وأقسي مما حذرنا منه.. جسدت لي حالته وفسرت أمرا احترت في تفسيره عندما كنت أقرأ أحداث تاريخ صدر الإسلام وكيف تنافس الصحابة واشتد بعضهم علي بعض.. فإسلاميو هذه الأيام – بمنطق القياس - هم صحابيو زمن الرسول.. فنحن بشر والتنازع وارد ولكن التزام حدود الرحمة أمر لا يدركه إلا من رحم الله!
سرحت بخاطري إثر انتهاء الخطبة في واجبات الخطيب.. قلت لنفسي: الخطيب يجب أن يجمّع لا يفرق، أن يبشر لا ينفر، أن ييسر لا يعسر، أن يعظ لا يوبخ، أن يتسامح لا يقسو.. فذلك هو المفهوم الحقيقي للدعوة في ديننا الحنيف.. أليس الخطيب عالما – أو من المفترض أن يكون كذلك، وأليس العلماء ورثة الأنبياء، وأليست تلك أخلاق الرسل؟.. الخطيب يجب أن يخاطب الناس – المصلين - علي قدر عقولهم.. فقد يكون من بينهم العالم وقد يكون من بينهم الجاهل، ولكن من المؤكد أن غالبيتهم من البسطاء الذين لا تصلح معهم ولا تجذب قلوبهم اللغة العنيفة لحجازي أو غيره خاصة إذا كان أحد أسباب انتشار ديننا هو الرحمة واللين.. ألا يقول الخطيب الإمام عند الصلاة «لينوا بأيدي إخوانكم».
بالمصادفة البحتة – فأنا متخلف ولست من المهتمين بمتابعة التليفزيون – رأيت شيخنا في عز الليل يطل علينا من قناة «النهار» بوجه سمح بشوش لا يصول ولا يجول وإنما يتناول قضايانا بكل أدب جم.. ساءلت نفسي أين هذا مع المصلين.. وأليس المصلي كالمشاهد؟.. أم أن الخطبة مجانية والبرنامج مدفوع الأجر؟.. سامحك الله يا حجازي!

[email protected]