عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من صدام إلى مبارك : أرجوك تنحى

فخامة الرئيس حسني مبارك .. لا أدري بماذا أبدا رسالتي تلك إليك.. فقد شاءت الأقدار أن نتوافق في الكثير من الصفات التي تجمع بيننا والتي لا أشك لحظة في أننا سنكون على اساسها أحد رموز العالم العربي في التاريخ الحديث كحكام مستبدين. وعلى هذا فإن حديثي هذا إليك هو حديث الأخ لأخيه. وعزائي أنك تدرك أن نصيحتي لك ليس لها أية أغراض خاصة على الإطلاق فقد رحلت عن دنياكم الفانية وأنا الآن بين يدي الرحمن، ولا تتصور أن كلامي هذا نوع من الشماتة في موقفك وردا لما قمت به معي قبل الغزو الأمريكي لبلادي ودعوتك لي للإستقالة وإنقاذ بلدي العراق مما سيحل بها من خراب. صحيح أن موقفك لم يكن لوجه الله تعالى وإنما كان بغرض تهيئة الأجواء لأصدقائك الأمريكان وأن تكسب المزيد من الحظوة عندهم ولكني بعد أن ذقت ما ذقته في دنياي وآخرتي لا أجد سوى التوجه إليك بالشكر على موقفك ورد الجميل بهذه الرسالة لعلك تتعظ .. فإذا كنت دعوتني للإستقالة على وقع طبول غزو أجنبي، فإنني أدعوك للإستقالة على وقع هدير أصوات الشعب .. شعبك الذي يطالبك بالرحيل وأن تتجاوز إغراءات الحياة الدنيا فقد فتنت أنا من قبل بها ولم أتعظ، فلم ألق نتيجة ذلك سوى خسارة نفسي ووطني وديني ودنياي.

 

أخي مبارك .. أعلم أن حاكما عنيدا على شاكلتك من الصعب أن يلين، وأنه ستأخذه العزة بالإثم، فقد خضت تجربة مشابهة لموقفك وإن في سياق مختلف، فقد كنت ديكتاتورا مثلك ، بل لعلني لا أبالغ إذا قلت أنني كنت أكثر ديكتاتورية منك، لم آبه بمستقبل شعبي فقدته إلى الدمار والهلاك بدلا من أن انتهي به الى الرفاهية والعزة. ولم ينفعني شئ رغم ما حاولت أن أقنع به شعبي من حرصي على أمنهم وأمانهم. فقد كنت أشعر بنظرات العراقيين تأكلني غيظا وكراهية على أنني أضعت مستقبلهم ونفطهم في مغامرات لا طائل من ورائها. وإذا كنت أنت فضلت عدم المغامرة بالإقدام على غزو دولة شقيقة، إلا أنك رغم ذلك خضت مغامرات أخرى. لقد غامرت بمستقبل شعبك فحرمته أبسط الحقوق ويسرت الفرصة للحاشية الحاكمة حولك لكي تسرق قوته، وثمار جهده، ورهنت إرادة بلادك بالغادر أوباما الذي لا يقل سوءا عن هذا الصعلوك المسمى بوش الإبن، ورحت تمالئ العدو الصهيوني فتبيع له الغاز بأرخص ثمن وتوفر له الأمن، حتى أصبح هو أكثر الحزانى على ما وصل إليه حالك.

لا تحزن يا عزيزي مبارك .. فالجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان، وإذا كانت الأمور قد دارت على غير ما تتوقع فهذا هو حال الدنيا؟ هل كنت تتصور أنني -  وأنا من أنا - وقد التقيتني مرات عديدة أن ينتهي بي الامر إلى الإختباء في جحر من الأمريكان ومطاردتهم لي؟ لا تعلم كم كانت هذه اللحظات مؤلمة بالنسبة لي. وقتها تذكرت نصيحتك بأن استقيل وتذكرت عنادي معك ومع غيرك ممن كانوا يبدون خوفا مما سيؤول إليه حالي وحال العراق إذا لم أستقل. كان ذلك من أكبر الحماقات التي ارتكبتها في حياتي وما زلت أندم عليها حتى الآن

بعد رحيلي عن الدنيا.

العزيز أبو جمال.. استقل الآن من منصبك الآن الآن وليس غدا ..  فذلك أفضل لك ولشعبك، فخير لك أن يذكرك التاريخ باعتبارك رئيس أطاحت به ثورة شعبية من أن يذكرك باعتبارك زعيم أطاح هو بثورة شعبية من أجل الكرسي. اعلم أنك لن تتيقن من صحة كلامي وأن الكرسي لا يساوي كل ذلك سوى بعد أن ترقد إلى جانبي وترحل عن الدنيا، ولكن خيركم من اتعظ بغيره.. فخذني عبرة وأرحل. إن استقالتك الآن ستجعلك تنال بعض المكاسب بدلا من أن تفقد كل ماأضعت عمرك كله في محاولة تحصيله. إنني أشعر بالإشفاق من الحال المزري الذي وصل إليه موقفك، فأصوات مواطنيك المطالبة برحيلك وصلت العراق حتى أنها تقض قبري! لقد بدأت الألسنة تنهش سيرتك وقد حزنت كثيرا على ما راح يذكره البعض من أن ثورة المصريين من أبرز إنجازاتك، باعتبار أنك جعلت الشعب الذي لا يتحرك، حسبما كان يروج كثيرون، تحرك أخيرا. ولا شك أنك أكثر علما منى بما نالني من رماح، فأنت الحي وأنا الميت الآن و ترى بعينيك الملاحم التي كتبت في سوء سيرتي في الحكم رغم أني لم أكن أسعى سوى لما أراه خير العراق، ولا أشك أنك كنت تسعى لخير مصر ولكن الناس فهموك بالخطأ، فأفهمهم أنت بالصحيح كما فهمهم تلميذنا في تونس زين العابدين بن علي ورحل! وإذا كنت تخشى على المستقبل، وقد جاوزت الثمانين من العمر، فإني من موقعي هذا أؤكد لك أن مستقبلك إن شاء الله مشرق.. فأنت على العكس مني، رغم اتفاقنا في الطبيعة الديكتاتورية، لك أحباؤك بطول العالم العربي وعرضه، وإذا كنت أنا لم أجد أنا سوى الرجل الطيب الشيخ زايد رحمه الله يدعوني للإقامة لديه في الإمارات فستجد أنت الكثير من البلدان التي تشبهك في سياساتك المرتبطة بالعملاء الأمريكان ترحب باستقبالك. ثم إن لديك جنتك في شرم الشيخ.. ألم تضع سني عمرك في بنائها وآن لك أن تستمتع بطول المكوث فيها متعك الله بطول العمر. ارحل تريح وتستريح

أخوك المخلص صدام بن حسين التكريتي