رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ماذا لو تكلم المشير؟

قد يكون الصمت أبلغ من الكلام .. وقد يكون السكوت من ذهب .. غير أن ذلك يجب أن يبقى الاستثناء وليس القاعدة، وإلا خلقنا الله خرساء.. فالكلام وسيلة التواصل بين البشر، بل ومع الإله.. ألم يكلم الله موسى تكليما!

وعلى ذلك فمن المشروع أن يتساءل الكثير من المواطنين عن أبعاد عدم تكلم المشير طنطاوي حتى الآن؟ ليس أمام المحكمة.. فقد تم ذلك في قضية محاكمة الرئيس السابق مبارك ودون أن نعرف بشكل رسمي مضمون كلامه، بفعل حظر النشر، رغم أن ما تطاير بفعل «ثرثرة» الحضور أثار حالة من التشاؤم.

أعرف ويعرف الكثيرون أن عدم الكلام يكون في بعض الأحيان نتيجة العجز عن الحديث.. فلسنا كلنا خطباء مفوهين.. وقد وقف ذلك عقبة دون خروج بعض الزعماء العرب على شعوبهم في خطابات يواجهونهم من خلالها مباشرة لما قد يلقي به ذلك من تأثير سلبي على صورة الزعيم الذي تجري محاولة لتصويره على أنه «حكيم الحكماء» فيما أنه لا يفقه من شئون الدنيا الكثير وكل خبرته بما يدور من حوله مستمدة من كلام المستشارين الذين يحركونه بـ «الريموت» أو عن بعد! سمعت منذ سنوات زعيماً عربياً يتحدث فيما يشبه المؤتمر الصحفي وتسبب حديثه المباشر - الأول والأخير - في أزمة مع دولة مجاورة!

حضرت لقاء ضيقا مع أمير عربي يطرح نفسه على أنه باني النهضة العربية الحديثة وحين ارتجل بدا كما لو أنه لا يدري كيف يتحدث؟ كل ذلك يضع قيودا على خروج الزعماء والشخصيات العامة للحديث إلى الجمهور.. لكن في حالتنا، فإن الأمر يبدو مختلفا ، فأحاديث المشير للقوات المسلحة كثيرة وعديدة ويمكن لمن يريد الرجوع إليها على موقع «يوتيوب».

مصدر التساؤل حول عدم خروج المشير على الشعب بالحديث مشروع.. فالأمة في زمان فتنة.. ولا بد لها من بوصلة لتهتدي بها في طريقها.. والثورة التي نقلتنا من حال إلى حال ليس لها زعيم.. يقول فتسمع له الجماهير.. يوجه فيمتثل الجميع لتوجهاته.. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم. صحيح أن هناك مجلساً عسكرياً حاكماً إلا أنه كيان جمعي يمثل مؤسسة متكاملة ولا تعكس النمط المعتاد في إدارة دفة الحكم! صحيح أن هناك عصام شرف إلا أن الرجل يدير - ولا يحكم - الأمور بمنطق المغلوب على أمره! صحيح أن هناك صفحة «فيس بوك» إلا أنها تنقل لنا بيانات وليس مشاعر!

من هنا يمكن تفسير توق المصريين إلى زعيم، المشهد الذي عبر عنه أروع تعبير الاستقبال الحافل الذي لقيه أردوغان خلال زيارته لمصر،وكذا الاحتفال الأسطوري الاستثنائي هذه الأيام بذكرى عبد الناصر الزعيم الملهم.. اتفقنا معه أو اختلفنا!

السؤال: هل لا يرى المشير فائدة من الكلام؟.. من غير المعقول طبعا. هل يرى ذلك يمثل إقلالا

من دوره؟.. غير ممكن على الإطلاق. هل لا يريد أن يزج بنفسه مباشرة في معترك الجدل الدائر في الشارع المصري؟.. ولكن هل هناك زج أكثر من الدور الكبير الذي يلعبه.

منذ 11 فبراير حتى الآن مرت الأمة بكثير من اللحظات الحرجة التي كانت تبحث فيها عن الكلمة الفصل.. كالباحث عن شىء ضاع منه في الظلام ولم يجده! كنا أحوج ما نكون لحديث المشير عقب موقعة العباسية؟ كنا نتمنى أن نسمع صوته بعد معركة السفارة؟ ومصدر الأمل في هذا الحديث.. الدور المتميز الذي لعبته القوات المسلحة خلال الثورة.. لقد نجح الجيش في تعزيز النظرة لدوره باعتباره حامي الوطن ليس إلا.. وأنه ليس طرفا في صراعات داخلية.. صحيح أن ذلك تم بثمن عال نال المجلس العسكري منه أذى، غير أن قادته بدوا كمن يعضوا على دورهم بالنواجذ حتى لا تفلت أعصابهم ويحدث ما لم تحمد عقباه.

وإذا كان الشعب أحسن استقبال المشير في بذته المدنية رغم ما أثير من لغط وجدل حول نزوله الشارع على هذا النحو، فلا شك أن حديث المشير سيكون «بردا وسلاما» على هذا الشعب في ضوء منطق المصارحة والوضوح الذي ننتظره منه. أصحاب المطالب الفئوية لم يعودوا يفهمون ما يجري من حولهم ويجري التغرير بهم فتحولوا إلى أداة هدم وليس بناء، وكلمة من المشير قد تدفعهم إلى العمل والإنتاج وليس تعطيله! سائقو النقل العام يجب أن يكونوا أصحاب دور كبير في دفع عجلة الإنتاج بدلا من تعطيل عجلة الأتوبيس الذي يخدم مصالح المواطنين!

حديث المشير قد يخرس الألسنة الطويلة التي تسعى للعب بمستقبل هذا الوطن، وقد يدفع الأفاعي إلى جحورها.. وقد.. وقد.. فهل نأمل أن نسمع من التليفزيون المصري تنويها عن انتظار بيان من المشير إلى الأمة في ذكرى نصر أكتوبر؟ نأمل ذلك.. وإذا لم يتم فدعونا نتخيله!