رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدين لله ... والاجتهاد للجميع لكن بشروط

الدين عندنا خط أحمر ... قد لا نصلى بانتظام ... قد تدفعنا الأزمة إلى التهرب من أداء الزكاة... وقد لا يذهب أقباط إلى الكنيسة ...  وربما لا يحرصون على سماع العظة .... لكننا لا نقبل أن يهاجم أحد  ديننا ... فكلنا يتوب ولو فى آخر حياته ... وكلنا يرجو أن يلتزم تعاليم الدين  ... لكننا لا نقبل على الدين هجوما ... نكره من يسخر من طقوسنا ولو كان منا ... العقيدة عندنا محصنة من الهجوم  ... ورجال الدين ـ شيخا كان أو قسيسا ـ لهم فى القلوب مكانة.

وتعاليم الأديان نأخذها من علماء الدين ... ولا نأخذها من إعلامى ... ولا مراسل قضى عمره فى الخارج ... لا أحقر من شأن أحد ... لكن أعلى من شأن علماء الدين ... والأمور الدينية ليست محلا للاجتهاد إلا بشروط ... وبعلم ... ودراسة ...  فأصحاب كل مهنة ينتفضون  إذا مارسها غير متخصص ... ومن غير المقبول أن نرضى بمحاكمة طبيب مزيف وإن نجح فى وصف الدواء ... ونسعى لحبس من ينتحل صفة مهندس ولو كان ما بناه صامدا لم يسقط ... وأن تقيم نقاباتنا المهنية الدنيا ولا تقعدها إذا دخل الغرباء حقل العمل ... نقبل كل هذا ونرضى أن يكون الدين مسرحا لكل مغامر ... أو حتى مفكر ... فما يدرسه علماء الدين يفوق كثيرا ما قرأه المجتهدون ... والدعوات الشاذة ... والأفكار الغريبة تردنا إلى  حالة الاستقطاب الدينى التى لم نغادرها تماما ... والاجتهادات الشاذة تزيد عوامل الفرقة والاحتقان فى وقت نسعى فيه لصياغة خطاب دينى متطور ... والجرأة على الدين تفتح الباب على مصراعيه للأفكار والتنظيمات المتطرفة لتعمل فى العقول ... وتستقطب إليها أتباعا جددا.
لا يجوز أن يكون الدين حقلا لاختبارات حرية الرأى ... ولا مجالا للتجريب الفكرى ... فحرية الرأى مصونة لكل عالم فى مجاله ... و حرية الاعتقاد مكفولة لكل من أراد ان يأخذ لنفسه طريقا يرضاه ... وليس صحيحاً أن الدين يحد من انطلاق خيال المبدع ... فقد كان حول رسول الإسلام شعراء ... مبدعون ... كانوا يمثلون الجهاز الإعلامى فى زمانهم ... ولو لم يكن فى الدين حرية مربوطة بعلم  لما سمعنا عن الأئمة الأربعة ومذاهبهم ...  ولما اختلف علماء الدين أنفسهم فى الرأى ... لكن هذا الرأى لم يتكون إلا بعلم ... ولم يطلق إلا بدراسة 
والأحاديث المترددة هذه الأيام عن قضايا دينية تجرنا إلى الحديث عن تجديد الخطاب الدينى ... فالمصطلح ( تجديد الخطاب الدينى ) ليس اختراعا ... فقد تردد فى فترة حكم مبارك ... إلا أنه اصطدم بعدم وجود خطة واضحة للتجديد المطلوب ... ولم تجرؤ وزارة الأوقاف حينها ولا الأزهر على اتخاذ خطوات جادة فى هذا الاتجاه ... اللهم إلا فى الشكل فقط ... وفيه سعى الدكتور حمدى زقزوق وزير الأوقاف إلى تحديد سقف زمنى لخطبة الجمعة ... وفيه أيضا

وضع جدولا مفروضا يحدد الفارق بين الأذان والإقامة ... وكلها قضايا لا تخدم تطوير الخطاب الدينى فى شيء ... وكلها أيضا قرارات لم تضف جديدا للخطاب الدينى .
ولم يعد مصطلح تطوير الخطاب الدينى يتردد على ألسنة أى مسئول فى الدولة حتى أحياه الرئيس السيسى ... وأظن أن السيسى _ وهو رجل متدين – عندما طلب هذا لم يتوجه بخطابه إلى العامة... إنما طلب من الأزهر أن يتولى هذه المهمة ... وأحسب أن إسناد مهمة تطوير الخطاب الدينى إلى الأزهر يخرج ما عداه من المؤسسات والأفراد من دائرة العمل فى هذه المهمة ... كما أن الأزهر هو المؤسسة الدينية المعترف بها عالميا ... فإن نجح علماؤه فى مهمتهم سيبلغ هذا التطوير أماكن عدة فى العالم الإسلامى ولن تقتصر تأثيراته على المسلمين فى مصر ... وربما تتجاوز آثاره العالم الاسلامى إلى مجتمعات أصبحت صورة الاسلام فيها مربوطة ذهنيا بالإرهاب ... والعالم من حولنا يحترم التخصص أكثر مما يحترم الاجتهادات المتناثرة والعشوائية ...  ولأن السيسى متابع جيد ... أطلق مقولته أننا ندعو لثورة من أجل الدين ... وليست ثورة على الدين ... وسيرا فى الاتجاه الصحيح فإن تطوير الخطاب الدينى ضرورة لتحقيق الهدف من اعتناق الدين ... بحيث يصبح الدين موجودا فى المعاملات بقوة وجوده فى المساجد خلال ممارسة العبادات ... وبحيث يتحول الدين من مجرد طقوس نمارسها داخل دور العبادة ... أو حتى فى المنزل إلى عقيدة تحكم نظرتنا لبعضنا البعض ... للعمل ... وللراحة ... للحقوق المجتمع ... لحقوق الغير ... وحتى لحق الانسان نفسه ... وبذلك يكون الدين عاملا فى بناء أمة متقدمة ... متحضرة ... ومتطورة.
تباريح
خايف أموت وتموت معايا الفكرة
.. لا ينتصر كل اللى حبيته
..ولا ينهزم كل اللى كنت أكره
اتخيلوا الحسرة
( من أشعار عبد الرحمن الأبنودى صاحب مدرسة اللغة العامية الفصحى )
تطوير الخطاب الدينى يصنع مستقبل أمة... وتطويل اللسان على الدين  يدمر العالم.

‏email: [email protected]