رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سياسات هدم الأحزاب تشجيع للإرهاب

البديل  الطبيعى للأحزاب السياسية  هو التنظيمات المتطرفة
غالبا ما تحدث الثورات تغيرا للأفضل فى نواحى الحياة ... والمفروض أن تستجيب السلطة التى تجىء بها الثورات لمطالب الشعب والقوى السياسية وفى مقدمتها الأحزاب ... إلا أن ما يحدث على الأرض  شىء آخر ...  فخلال 3 سنوات شهدت مصر ثورتين شعبيتين ... ثرنا فى 25 يناير على نظام مستبد ... وضع نفسه فوق كل مؤسسات الدولة ... وتجاهل الأحزاب السياسية ... وسيطر على السلطة التنفيذية ... والسلطة التشريعية ... وفى 30 يونية ثرنا على نظام اختطف البلاد إلى توجه لا تعرفه ... وزرع الفتنة بين أبناء الوطن ... وحاول السيطرة على البلاد بدعوى التحدث باسم الدين ... وجاء الشعب بسلطة يرضاها ... ورئيس يحبه.

وفى جميع المراحل لم تسلم الأحزاب ـ كل الأحزاب ـ من هجمات غير مبررة ... هدفها تشويهها ... هدمها ... فرض الوصاية على الشعب بدعوى أن الأحزاب ضعيفة ... وكرتونية ...وهو كلام غير دقيق ... فالتجربة  الحزبية فى مصر ليست حديثة ...لكنها تجربة هاجمتها الأمراض طوال عمرها ... وفى مراحلها المختلفة ...  ولعل الحزب الوطنى الأصلى الذى شكله مصطفى كامل كان باكورة الأحزاب فى الحياة السياسية ... إلا أن مصر لم تعرف حزبا وطنيا ذا تأييد شعبى جارف إلا قبل تشكيل الوفد على يد الزعيم سعد زغلول... ولا بعده ... ومنذ ثورة يوليو 1952 اتخذت الدولة موقفا معاديا للحياة الحزبية ... فتعاملت مع الأحزاب وقياداتها ...  وكل القوى السياسية بمعول هدم وتشويه ... وتم حل الأحزاب بدعوى فسادها ... وسيق الذين قادوها إلى السجون ... أو فرضت عليهم الإقامة الجبرية...  ورغم أن واحدا من المبادئ المعلنة للضباط الأحرار فى يوليو كان إقامة حياة ديموقراطية سليمة ... إلا أن تفسيرهم لمصطلح الديموقراطية لم يكن ليستوعب أن الأحزاب السياسية هى أساس الممارسة الديموقراطية... وتم تأميم الحياة السياسية ... وفرض نظام الحزب الواحد تحت مسميات عديدة... لكن ظل الهدف هو السيطرة على النشاط السياسى ... وفى عام 1976 حاول الرئيس الراحل أنور السادات إعادة الروح إلي الحياة الحزبية المصرية ... إلا أن التجربة الجديدة  ولدت مشوهة ... وحملت فى مبررات وجودها ... أسباب فشلها ...  فالأحزاب  تتشكل بقرارات سلطوية  ... وغير مسموح لها بممارسة دورها الوحيد وهو الاتصال الجماهيرى ... ولأن السادات لم يكن مؤمنا بالممارسة الحزبية إيمانا حقا ... حولها إلى ديكور بنزوله إلى الشارع السياسى ... وتشكيل الحزب الوطنى ... الوريث الشرعى لحزب مصر ... والذى ورث بدوره كل التنظيمات السياسية السابقة ... وظلت مصر تعيش تجربة حزبية.... ديموقراطية ...  شكلية ... استبدادية ... كان التعامل خلالها مع الأحزاب بمنطق الحصار ... والتجفيف ... والحرص على وجودها الشكلى والهامشى فى وقت واحد ... حتى تعطى الحزب الوحيد مصداقية وجوده على رأس دولة ديموقراطية فى مواجهة الخارج ... وظل الحزب الوطنى مسيطرا على الحياة العامة ... والاقتصادية ... والسياسية ...حتى احترق بنار سياساته المستفزة ...وإصرار قياداته على تهميش الأحزاب ... ومهاجمتها ... ووأد نشاطاتها ... هذه المقدمة التاريخية ضرورة للنظر فى حياتنا الحزبية وما آلت إليه بعد ثورتى يناير ويونية.
زاد عدد الأحزاب بعد ثورتى يناير ويونية بعد إلغاء لجنة الأحزاب ...  إلا أن الممارسات الحكومية تجاه الأحزاب مازالت قاصرة عن فهم الدور الحقيقى للحزب ـ أى حزب ـ فى الحياة السياسية ... وليس من   المستبعد أن تكون كتابات صمويل همنجتون عن الأحزاب لم تصلهم ... أو وصلتهم لكن بمفاهيم مغايرة ... فالأحزاب  هى عماد التنمية  السياسية لأى عصر... وهى مصداقية النظام القائم ... لأنها  هى الكيان  القانونى المسموح له بالسعى للوصول إلى الحكم .... وهى المكان الذى

يعبر فيه أفراد الشعب عن مدى رضاهم على النظام القائم ... فإما تدعمه ... أو تنتقده علنا ... وسلما... والبديل  الطبيعى للأحزاب هو التنظيمات المتطرفة ... وجماعات مناهضة النظام التى تعمل على هدمه ... وتقويضه ... والنظم السياسية الناجحة تبحث أولا عن تواجد أحزاب سياسية فاعلة قادرة على مواجهة الفكر بالفكر ... والعمل بالعمل.
والحقيقة أن الجماعة السياسية مصدومة بممارسات ما بعد يونية .. وعدد غير قليل من قادة الأحزاب والمنخرطين فى العمل الحزبى يشعرون بوجود توجه لإبعاد الأحزاب عن المشاركة السياسية ... فلجنة صياغة القوانين الانتخابية اختارت أسوأ النظم الانتخابية فى التاريخ وهو نظام القائمة المطلقة ... وهو نظام وضعه واستخدمه حكام اشتهروا بالديكتاتورية  السياسية ... وهو أيضا نظام يهدر حق نسبة تصل إلى 49 % من الأصوات المشاركة فى الاختيار ...  يسعى إلى تقويض الأحزاب لحساب فصيل  لا ملامح سياسية له ... والحقيقة أيضا أن لجنة صياغة القوانين تعمل فى سرية غريبة ... وتفاجئ الأحزاب بقوانين المفروض أنها تعبر عن توجهات النظام الحالى ... ثم تخرج بتعديلات هزيلة ... ضعيفة ... غير جوهرية بدعوى أنها لا تملك إلا النظر فى المواد المحكوم بعدم دستوريتها ... وهو كلام غريب وغير حقيقى... وإلا لماذا كان اجتماع رئيس الحكومة مع الأحزاب لسماع مقترحاتها؟  ... ولماذا كان لقاء «محلب» مع رؤساء الأحزاب ؟ ... ولماذا تسلم  مقترحاتهم قبل اجراء التعديلات؟ هل كان اللقاء استيفاء للشكل؟
ويزيد من الإحساس بالتوجه نحو تقويض الأحزاب ... والإبقاء عليها هامشية تلك الهجمة الشرسة فى الإعلام  المملوك للدولة خاصة على الأحزاب واتهامها بالضعف ... والكرتونية ...  وعلى الإعلام أن يراجع نفسه.. وخريطة برامجه ليتعرف على حقيقة تجاهله للأنشطة الحزبية فى كل المحافظات ... وعلى الإعلام أن يراجع تغطياته لما تموج به بعض الأروقة من أنشطة تثقيف سياسى ... واجتماعى ... يساهم بشكل كبير فى صناعة قيادات شابة  تتمتع بتربية سياسية معقولة... ولو كان الإعلام حريصا على تنمية النشاطات الحزبية لخصص برنامجا لمتابعتها ... ونقلها عبر الأثير للشعب ... وأظن أن الإعلام فى حاجة ماسة للتغير ليساير المأمول من شعب ثار على كل أوضاع الماضى ... وأن يتخلى عن سياسة التوجه نحو النظام الحاكم إلى سياسة التوجه نحو الشعب ... وأن يتراجع عن الهجوم على الأحزاب السياسية الي حمل رسالة تقريب أفكارها وبرامجها للشعب ... فبدون أحزاب فاعلة سنرجع إلى الخلف كثيرا ... وما لهذا ثار المصريون.
 
  [email protected]