الأم أولى
كنت أنوى الكتابة اليوم عن وزارة الإعلام ومهازلها.. وعن الثورة التى تكاد تتفجر فى مبنى الإذاعة والتليفزيون.. وعن غياب الوزيرة عما يدور فى المبنى... وتسليمها مفاتيح الوزارة... والمبنى لشخصيات تتمتع بكراهية شديدة بين أبنائه... إلا أن المناسبات تأخذنا بعيداً عما نريد... وتجبرنا أحداث على أن نغير من اتجاهنا.. دون تغيير فى توجيهاتنا.... وليست هناك مناسبة تستحق أن نغير من نوايانا مثل عيد الأم... وقد مر علىَّ عيد الأم أمس حزيناً كئيباً... ورغم مرور سنوات على وفاة أمى وأبى... إلا أن الأمس حمل لى ـ أو حملنى ـ الى يوم الوفاة بأحزانه... وأحداثه.
فى يوم وفاة أبى حزنت حزن الرجال... بكيت بلاصوت... فقد كان رحيله ذكورياً خالصاً... فى نفسه حين نطق الشهادة... وفى نفسى حين قلت إنا لله وإنا إليه راجعون... لم أستطع أن أجهش بالبكاء... ولا أن أعلن من الحزن إلا القدر الذى أبدو فيه متماسكاً... داخلياً كنت أشعر بخوف شديد.. فقد فقدت الناصح الأمين... سأواجه الدنيا بلا عقل يرشدنى... بلا رزانة الرجال... بدون خبرة سنوات لم أعشها ولكنها فى خزانة أبى... ادخرها لى من أحداث عاشها ولم أعاصرها... وأخرى عايشناها سوياً... لكنى لم آخذ منها إلا بقدر سنى... أخذها جميعها وفارقنى... يومها أحسست أننى سأواجه الحياة بظهر مقصوم...كان الخوف أكبر من الحزن.
ويوم وفاة أمى كان مختلفاً... لم أشعر
اليوم اشتاق إلى أمى وأبى لأقول لكليهما... كل عام وأنتما بخير... فهل يطول اشتياقى... أم أذهب للقائهما قريباً.