عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المشكوك فى أمرهم

أنا أشك إذن أنا موجود... كلمات قالها الفيلسوف رينيه ديكارت منذ ما يزيد على 300 سنة بهدف الوصول الى الحقيقة... وسواء ظلت هذه المقولة معمولاً بها أم لا ... فقد أعاد المصريون صياغتها وفق أحوالهم... أنا أتشكك إذن أنا موجود...

وموجود تعنى على الأخص موجود فى مصر... وكأن ثورة الشعب تحولت الى ثورة الشك... وأصبح التشكيك من أهم منجزات الثورة... ومنتجاتها... والثورة شئ والثوار شئ آخر ... فالثوار أنفسهم لم ينجوا من الشكيك... أما الثورة فتعرضت للسرقة والتكويش... والشك والتشكيك قبل الثورة يختلف كثيراً عنه بعدها... فالشك والتشكيك فى مصر كان سياسة قبل الثورة... وتحول الى ثقافة بعد سقوط النظام بأيام ... والتشكيك فى عهد مبارك كان عمل الأجهزة المدافعة عن النظام... أما التشكيك فى عصر الثورة فأصبح عمل العامة... والخاصة... الأصدقاء والأعداء... أصحاب المصالح المشتركة  والمتعارضين فيها ... والتشكيك قبل الثورة كان موجهاً للقوى السياسية ... كل القوى... وبعد الثورة أصبح موجهاً من القوى السياسية ... كل القوى ...  والمشكوك فى أمرهم قبل الثورة أصبحوا وكلاء الشك والتشكيك بعدها ... واحترفوا توزيع الشك على بعضهم البعض... كلهم يشكك فى بعضهم... وبعضهم يشكك فى كلهم... وجزء لا يملك إلا التشكيك فى البعض.. وفى الكل. 
وحكاية التشكيك بدأت مع الاستفتاء على الدستور... فأصحاب دعوى تكفير من نادى بـ(الدستور أولاً) ...كفروهم بالتشكيك فى النوايا... فكل من نادى بـ(الدستور أولاً) متهم فى دينه إن كان مسلماً... ومتهم بالعداء للإسلام إن من غير أتباعه... ويسعى لإلغاء المادة الثانية من الدستور أو على الأقل الى تغيير منطوقها... المهم أنه مشكوك في أمره...  وأحداث ماسبيرو ... ومحمد محمود ... ومجلس الوزراء ... وحتى العباسية كانت جميعها نتاج حملات الشك والتشكيك... والأزمة السياسية التى لم تكد تنتهى بين الإخوان والحكومة أساسها الشك والتشكيك فى النوايا ... والأزمة التى لم تنته بعد بين مجلس الشعب واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية قائمة على الشك والتشكيك... وأزمة

تأسيسية الدستور أيضا أزمة شك وتشكيك... حتى أصبحنا جميعا فى مصر بين شكاك... ومشكوك فى أمره... وعامل بعضنا بعضا وفقا للنوايا وليس وفقا للأفعال... ولا حتى وفقا للمصالح الوطنية... وذهبت تفسيرات الأقوال والأفعال بنا الى الصدام والتراشق بدبابيس الشد وإبر التشكيك... وفقد العامة ثقتهم فى الخاصة فاتهموهم بالسعى لتحقيق مصالحهم ولو على حساب الجميع... وفقد الخاصة ثقتهم فى العامة فاتهموهم ببيع كل شئ ... بدءاً من توكيلات التأييد ... حتى  الصوت الانتخابى... المهم أن يجد كل واحد من يشك فى أمره ... ومن يتشكك فيه... حتى أصبح المحروم منا من لا يجد من يشكك فى أمره... وأصبح السياسى فينا من  يشك فى أمر الآخرين.
والمتابع لأول مناظرة حدثت بين مرشحى الرئاسة «موسى»  و«أبو الفتوح» يكتشف بسهولة أن التشكيك  كان الهم الأول للرجلين... وأن توزيع الاتهامات منهما وعليهما كان أهم لدى المتنافسين من تقديم الحجج والبراهين... والحرص على تجريح الآخر فى المناظرة سرق من الرجلين فرص الفوز بتأييد الناخبين، ودوران المناظرة بمنطق تجريح الآخر والتشكيك فيه أمر أفقد الاثنين قيمة المنصب الساعين إليه.
لقد أصبحنا كلنا مشكوكاً فى أمرنا ... بدءاً من المجلس العسكرى الذى تحمل عبء حماية الثورة وقيادة البلاد... وحتى الأغلبية الصامتة مروراً بشباب الثورة والثوار... فاللهم نجنا من ثورة الشك. 
Email:[email protected]