عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحقائق الغائبة عن شعب يصر النظام على تغييبه – 4

الحلقة الرابعة:فى الحلقات السابقة قمت بتفنيد الإدعاءات الخاصة بمخطط المحافظين الجدد لتقسيم مصر، والزعم بأن مصر " هى الجائزة الكبرى " وقلت أن هذه هى أكبر أكذوبة سياسية انتشرت فى مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، والحمد لله أن رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية قد صدق على كلامى .

فى حديثه التليفونى مع محمود سعد فى برنامجه التليفزيونى على قناة النهار قال الناشط السياسى الدكتور حازم عبد العظيم أنه سأل اللواء مراد موافى رئيس المخابرات العامة حين اجتمع معه فى بداية شهر مارس الجارى، بناءا على طلب الأخير، عن حقيقة مزاعم المخطط الأمريكى الصهيونى الغربى بتقسيم مصر، فأجابه اللواء موافى بقوله " كلام فارغ" وغير صحيح، وهذا بالضبط هو ما ذكرته فى أحاديثى التليفزيونية ، وما كتبته فى العديد من المقالات، بل إننى خصصت الحلقة الثانية من هذه الحلقات لتفنيد تلك المراعم وتوضيح خلفياتها التاريخية، والحقيقة أنه لوكان هناك مخطط صهيونى لتقسيم مصر إلى دويلات وكانتونات على أرض الواقع وكما يدعى البعض لكان جهاز المخابرات العامة المصرية هو أول من يعلم بهذا المخطط، لكن كلام رئيس الجهاز اللواء مراد موافى قطع الشك باليقين، ولا ينبغى لآحد أن يزايد على كلامه، ومع ذلك فإن بعض الناس يعشقون نظرية المؤامرة وآخرون فى الإعلام وبعض البرامج الدينية على الفضائيات يسترزقون من الترويج للتفسير التآمرى للأحداث، ويمكن للقارىء العزيز أن يشاهد بنفسه حديث حازم عبد العظيم مع محمود سعد، وكما ورد على موقع صحيفة المشهد الإلكترونى ومواقع أخرى على الرابط التالى: هنا

كذلك يمكن الإطلاع على ما كتبه الدكتور حازم عبد العظيم نفسه على صفحته على الفيسبوك على الرابط التالى: هنا

نعود مرة أخرى لمواصلة حديثنا الأصلى الخاص بقضية التمويل الأجنبى،.. لقد داهمت أجهزة الأمن المصرية بقوات خاصة من الجيش والشرطة  العسكرية وفى حضور النيابة العامة فى 29 ديسمبر الماضى نحو سبعة عشر من مقار منظمات المجتمع المدنى العاملة فى مصر، والتى تحصل على تمويل أجنبى ، منها ثلاث منظمات أمريكية ومنظمة ألمانية هى مؤسسة كونراد أديناور، وسوف نركز الحديث هنا على المنظمات الأمريكية فقط على إعتبار أن الأزمة الناشئة عن عملية الإقتحام هى أزمة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، وقد يكون من المفيد للقارىء هنا أن نلقى نظرة فاحصة على تلك المنظمات الأمريكية الثلاث وهى: المعهد الديمقراطى القومى والمعهد الجمهورى الدولى ومؤسسة " فريدم هاوس " أو بيت الحرية .

المعهد الديمقراطى القومى :
المعهد الديمقراطى القومى هو الذراع الدولى للحزب الديمقراطى الأمريكى، وهو يحصل على التمويل مباشرة من الكونجرس الأمريكى، ويحصل على جزء من التمويل من وزارة الخارجية الأمريكية، ومن بعض المتبرعين الذين لا يكشف المعهد عن أسمائهم، .. ورئيس هذا المعهد هو " كينيث وولاك " المدير التشريعى السابق للجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية المعروفة بإسم " الإيباك " والتى تعد أكبر وأقوى جماعة ضغط للدفاع عن مصالح إسرائيل فى الولايات المتحدة الأمريكية، والتى يبلغ عدد أعضائها نحو أربعة عشر ألف عضوا من اليهود الأمريكيين منتشرين فى أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، ويعقدون إجتماعا سنويا يحضره عادة الرئيس الأمريكى ورئيس وزراء إسرائيل، .. ومدير هذا المعهد فى القاهرة هو سام لحود والذى كان ضمن الأمريكيين المقبوض عليهم ومنع سفرهم فى قضية التمويل الأجنبى، وفقا لقرار من النائب العام المصرى،.. وسام لحود هذا هو إبن " راى لحود " وزير النقل الأمريكى الحالى ، وهو الوزير العربى الوحيد ( من أصول لبنانية) الذى أختاره الرئيس الأمريكى أوباما من الحزب الجمهورى المعارض فى إدارته، ومن المفارقات هنا أن هذا الوزير العربى فى الإدارة الأمريكية وصفته صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية أنه أفضل وزير نقل أمريكى لأنه على عكس السياسيين التقليديين يقول ما يعتقد ويفعل ما يقول، ويذكر له أنه كان قد تدخل لدى الرئيس الأمريكى السابق جورج دبليو بوش ليرفع كل أنواع وممارسات التمييز ضد العرب الأمريكيين فى المطارات الأمريكية، كذلك توسطه لدى الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون فى رفع الحظر عن سفر الأمريكيين إلى لبنان، ثم فجأة وجد إبنه سام مقبوضا عليه فى مصر فى قضية التمويل الأجنبى وممنوعا من السفر، وهو القرار الذى أغضب الكثيرين من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى خاصة من زملاءه فى الحزب الجمهورى الذين تطوعوا بممارسة ضغوط كبيرة على إدارة الرئيس أوباما للإفراج عن سام لحود وباقى الأمريكيين المتهمين ، خاصة وأن والده وبحكم منصبه لم يستطع التدخل للإفراج عن إبنه .

المعهد الجمهورى الدولى :
المعهد الجمهورى الدولى هو الذراع الدولى للحزب الجمهورى الأمريكى ، ورئيسه هو السيناتور الجمهورى " جون ماكين" والمرشح السابق أمام باراك أوباما فى إنتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة، وهذا الرجل يعد من الشخصيات البارزة والمؤثرة فى مجلس الشيوخ الأمريكى طوال العقود الأربعة الأخيرة، ويتمتع بشعبية كبيرة فى الولايات المتحدة نظرا لأنه بطل حرب وطيار سابق ( كولونيل) فى سلاح الطيران الأمريكى، وأثناء حرب فيتنام سقطت طائرته القاذفة فى أراضى العدو ، وأصبح أسيرا فى الحرب، وقد سجن فى حفرة داخل قفص وتعرض لشتى أنواع التعذيب أثناء إستجوابه على يد ضباط المخابرات السوفيتية الكى جى بى لمدة ست سنوات ، وتفيد بعض التقارير الأمريكية أنه لا يزال حتى الآن يعانى من بعض آثار هذا التعذيب، وعندما أفرج عنه من الأسر فى بداية السبعينيات من القرن الماضى تم تنظيم إستقبال شعبى له منقطع النظير فى موطن رأسه بولاية كاليفورنيا حيث احتشد فى الشوارع والميادين ما يزيد عن مليون نسمة وهو يطوف بينهم فى سيارة

مكشوفة، .. هذا هو سيناتور جون ماكين الذى كان أول وأبرز مسئول أمريكى وصل إلى القاهرة لمقابلة المشير طنطاوى بعد قرار القبض على المواطنين الأمريكيين فى قضية التمويل الأجنبى ، ومعروف عنه أنه أول من يتدخل للإفراج عن مواطنين أمريكيين فى الخارج نظرا لتجربته هو الشخصية كأسير حرب سابق فى فيتنام، على الرغم من أنه كان قد صرح قبل وصوله إلى مصر بأنه لن يطلب من المشير حسين طنطاوى الإفراج عن المتهمين ، وإنما هو يريد أن يوضح للمشير ولأعضاء المجلس العسكرى بعض الحقائق، وعواقب هذه القضية على حد قوله، وأنا أستطيع أن أضيف سببا آخر ألا وهو حرصه على أهمية العلاقات الأمريكية المصرية الإستراتيجية وعدم تعرضها لأى إنتكاسات أو مضاعفات خاصة وأن مصر ترتبط مع إسرائيل بمعاهدة سلام ، وهو معروف أنه من أشد المؤيدين لإسرائيل فى الكونجرس ، ولسنوات طويلة كان يتخذ مواقف عدائية ضد العرب ربما خفت حدتها فى السنوات العشر الأخيرة، لكنه يثمن العلاقات الأمريكية مع مصر بدرجة كبيرة ، وقد زار مصر العام الماضى عقب الثورة المصرية ونزل من سيارته مع الوفد المرافق له للتجول فى ميدان التحرير سيرا على الأقدام ،.. وهذا المعهد الجمهورى الدولى الذى يرأس ماكين مجلس إدارته يحصل على تمويله أيضا مباشرة من الكونجرس الأمريكى .

مؤسسة فريدم هاوس :
مؤسسة فريدم هاوس أو بيت الحرية هى مركز تجمع الجناح اليمينى للديمقراطيين الإجتماعيين فى الولايات المتحدة الأمريكية ورئيس هذه المؤسسة هو دافيد كريمر، وأحد الرؤساء السابقين لهذه المؤسسة هو دكتور " جيمس وولسى " الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية – السى. آى . إيه فى عهد الرئيس بيل كلينتون، وهو واحد من أبرز أقطاب المحافظين الجدد فى الولايات المتحدة الموالين لإسرائيل ومعروف بمواقفه العدائية المتشددة ضد العرب والفلسطينيين.

منظمات حقوقية أم منظمات تجسس؟!

فى أعقاب قيام أجهزة الأمن المصرية بمداهمة مقار المنظمات الحقوقية التى تحصل على تمويل أجنبى فى 29 ديسمبر الماضى أصدرالمجلس القومى المصرى لحقوق الإنسان فى اليوم التالى بيانا أكد فيه " أن مداهمة المنظمات الحقوقية دون اتهامات ثابتة أو إدانات واضحة بتلقيها تمويلات خارجية تلوث سمعة المدافعين عن حقوق الإنسان أمام الرأى العام دون وجه حق، وطالب المجلس العسكرى وجميع الأطراف المعنية بمراعاة الشفافية فى الإجراءات، فيما أكدت 8 منظمات فى بيان لها أن المجلس العسكرى يهدف لإرهاب النشطاء والحقوقيين وتكميم أفواههم وتجميد نشاطهم الداعم لحقوق الإنسان والمناهض لسياسات القمع والتعذيب بحجة تلقى تمويلات أجنبية
وقال المجلس القومى لحقوق الإنسان فى بيانه ، إن المجلس يتابع ببالغ القلق ما تم الإعلان عنه فى وسائل الإعلام عن «تفتيش النيابة العامة 17 مقراً لمنظمات أجنبية ومحلية بتهمة التمويل الأجنبى، كذلك ذكرت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية الرسمية ان المداهمات جزء من تحقيق في التمويل الاجنبي لمنظمات المجتمع المدني. والتى ساعدت في دعم الاحتجاجات التي اطاحت بالرئيس حسني مبارك في فبراير 2011 ، كما انتقدت هذه المنظمات مرارا رد فعل الجيش على الاضطراب المستمر في الشارع.

لقد وجهت الحكومة المصرية وخاصة على لسان فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولى العديد من الإتهامات الخطيرة لمنظمات حقوق الإنسان التى تحصل على تمويل أجنبى، وهى إتهامات تنفيها الحكومة الأمريكية برمتها، فما هى الحقيقة، وما هو الدور الحقيقى الذى تلعبه هذه المنظمات الحقوقية؟ هل هى بالفعل منظمات حقوقية ظاهرها الرحمة تعمل فى مجال حقوق الإنسان أم أنها منظمات تجسس باطنها العذاب تهدد الأمن القومى المصرى وتتدخل فى الشأن الداخلى المصرى بما يعد إنتهاكا للسيادة المصرية؟ والإجابة ببساطة : الإثنين ، وهذا هو ما سنوضحة تفصيلا فى الحلقة القادمة.

- - - -
كاتب صحفى مصرى-كندى
[email protected]