رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحقائق الغائبة عن شعب يصر النظام على تغييبه – 3

الحلقة الثالثة :
منذ توقيع إتفاقيات كامب دافيد فى عام 1978، وتوقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية فى 26 مارس 1979 والنظام الحاكم فى مصر يولى أهمية خاصة وقصوى لعلاقة مصر بكل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل،..

الأولى بإعتبارها القوة العظمى الوحيدة فى العالم والضامن الرئيسى للمعاهدة، والثانية بإعتبارها الدولة التى وقعت معها مصر معاهدة سلام بعد سلسلة حروب ضارية، وأصبح إستمرار سريان المعاهدة هو الضمان لإستمرار العلاقات الجيدة بين مصر والولايات المتحدة، وتدفق المساعدات الأمريكية لمصر سواء العسكرية أو الإقتصادية، ولهذا كله فإن رئيس الدولة المصرية سواء كان أنور السادات أو حسنى مبارك أو المشير حسين طنطاوى هو المسئول الأول عن علاقة مصر بهاتين الدولتين ( أمريكا وإسرائيل) وبالتالى لا يجرؤ أى مسئول فى مصر ولا حتى وزير الخارجية على إتخاذ أى قرار كبير من شأنه أن يؤثر على العلاقات المصرية الأمريكية أو المصرية الإسرائيلية سلبا أو إيجابا دون علم وموافقة رئيس الدولة أو المشير طنطاوى محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى الذى يدير شئون البلاد، ولذا فإن الإدعاء بأن المشير أو أعضاء المجلس العسكرى لا علاقة لهم  بقضية التمويل الأجنبى ينطوى على إستخفاف بعقول المصريين، فضلا عن أنه يتنافى مع الواقع السياسى خلال العقود الثلاثة الماضية.

فى الواقع لو لم تكن هناك قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى الأجنبية العاملة فى مصر لأخترعها النظام الحاكم أو المجلس العسكرى لأسباب داخلية بعد فشله الذريع فى إدارة العديد من القضايا والملفات السياسية وتدهور شعبيته التى كانت مرتفعة جدا عندما كان المصريون يهتفون " الجيش والشعب إيد واحدة" ، وهبوطها إلى معدلات منخفضة جدا بعد أحداث مذبحة ماسبيرو فى أكتوبر الماضى ثم أحداث شارعى محمد محمود ومجلس الوزراء، وكان لا بد من البحث عن كبش فداء ملائم  أو
Convenient Scapegoat   

ثم أنه كانت هناك أيضا بعض الأسباب  الخارجية والتى لا تقل أهمية، بل ربما كانت الدافع الحقيقى لخلق هذه الأزمة تتعلق بالحرب الباردة الخفية التى تدور وراء الكواليس طوال العقود الثلاثة الماضية تتعلق بقضايا عديدة معلقة بين مصر والولايات المتحدة وبين مصر وإسرائيل، وهذه النقطة سوف أعرض لها بالتفصيل لاحقا، بعد أن أنتهى من توضيح بعض النقاط الهامة بخصوص قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى ذلك لأنى وجدت أن الكثير من القضايا المنفصلة قد تداخلت مع بعضها البعض فإكتنف القضية المزيد من التعقيد والغموض، وأصبحت الحقيقة هى الضحية الأولى، ولذا فإنه يتعين علينا أن نقوم بعمليتى تفكيك وفض إشتباك لإستجلاء الكثير من المعلومات والحقائق الغائبة عن الرأى العام المصرى، .. حقائق تتعلق بطرفى الأزمة المصرى والأمريكى نسردها فى النقاط التالية:

- إن قضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى العاملة فى مصر قضية قديمة وليست وليدة اليوم أو الأمس القريب حين داهمت قوات الأمن المصرية مقار ومكاتب العديد من هذه المنظمات فى التاسع والعشرين من ديسمبر الماضى ، فمعظمها كان يعمل فى مصر منذ عدة سنوات، بل إن أغلبية هذه المنظمات قد شاركت فى متابعة ومراقبة عملية الإنتخابات البرلمانية الأخيرة ورحبت الحكومة نفسها بالتقارير التى صدرت عنها والتى أشارت إلى نجاح العملية الإنتخابية كخطوة أولى وهامة نحو تحقيق الديمقراطية

- إن قضية التمويل الخارجى تتكون من شقين: قانونى وسياسى، والطرف المصرى ممثلا فى الحكومة المصرية يركز تماما على الشق القانونى الخاص بعمل هذه المنظمات الأجنبية أو التى تحصل على تمويل أجنبى بدون تراخيص من الحكومة، وهذا كلام لا معنى له من الإعراب ، فهذه المنظمات قدمت بالفعل طلبات للحصول على تراخيص منذ البداية لكن الحكومة لم تبت فيها ولم ترفض الطلبات بطريقة رسمية، بل سمحت لهذه المنظمات بالعمل منذ سنوات أى منذ أيام النظام البائد وبعد قيام الثورة المصرية بأكثر من عشرة أشهر ، وهذا خطأ المسئول عنه الطرف المصرى من الأساس لأنه لا يمكن لدولة متحضرة ولا الولايات المتحدة الأمريكية نفسها أن تسمح لأى منظمة محلية أو أجنبية بمزاولة النشاط قبل الحصول أولا على التراخيص اللازمة، ولكن القضية فى الأساس قضية سياسية أكثر منها قانونية، ثم إتضح لنا أن الحكومة قد كذبت على الشعب فقد قامت المنظمات الأمريكية ، ومجلس العلاقات الخارجية الأمريكية بالرد والتعليق بشراسة على مقال وزيرة التعاون الدولى المصرية فايزة أبو النجا فى صحيفة واشنطن بوست الأمريكية وأكد د. ستيفن كوك العضو البارز المخضرم فى مجلس العلاقات الخارجية والخبير المتخصص فى شئون الشرق الأوسط أن الموقف من المنظمات الأمريكية سياسى، كما أكد دافيد كريمر رئيس منظمة فريدوم هاوس أن الوزيرة فشلت حتى فى تمثيل حملتها ضد المجتمع المدنى ، وأن المنظمات الأمريكية والأجنبية لا تعمل بشكل غير قانونى، وأشار إلى أن المادة 84 من

قانون الجمعيات لسنة 2002 ينص على أنه إذا لم تحصل المنظمة على رد خلال فترة 60 يوما من تقديم الطلب فإن ذلك يعنى موافقة ضمنية، وأن هذه المنظمات استوفت باقى الشروط ، بل إن كريمر قد كشف أن المنظمة التى يرأسها كانت قد حصلت على موافقة كتابية من وزارة الخارجية المصرية على طلب الترخيص قبل مداهمة السلطات المصرية لمقر المنظمة والمنظمات الأخرى بثلاثة أيام فقط ، وعلى كل من يريد أن يعرف المزيد من التفاصيل أن يقرأ التقرير المترجم الذى نشر فى العديد من الصحف ومواقع الإنترنت العربية ومنها " اليوم السابع " فى يوم الثلاثاء الموافق الثالث عشر من الشهر الحالى على الرابط التالى:

http://www1.youm7.com/News.asp?NewsID=625340&SecID=12

وربما يتشكك البعض من أنصار نظرية المؤامرة والتفسير التآمرى للأحداث فى التقرير الأمريكى جملة وتفصيلا، لذلك فنحن ننشر دليلا دامغا أكثر من التقرير الأمريكى، ففى يوم العاشر من مارس الجارى أى قبل الرد الأمريكى على مقال فايزة أبو النجا ، بل حتى قبل نشر مقالها فى الواشنطن بوست، قام موقع " راديو حريتنا "على الإنترنت ، وهو موقع إذاعى مستقل على الإنترنت يديره مجموعة من الشباب المصرى، .. قام بتحقيق سبق صحفى وحصرى كبير، من خلال تقرير إخبارى فيديو قاموا بنشره على موقع " يو تيوب" ومواقع التواصل الإجتماعى مثل الفيسبوك وتويتر أشار إلى حصولهم على نحو خمسة آلاف مستند رسمى خاص بقضية التمويل الأجنبى ، وكشفوا فى التقرير الكثير من الحقائق بالمستندات ومنها أقوال الوزيرة فايزة أبو النجا وتوقيعها على المستندات، كما كشفوا عن مستند يفيد موافقة وزارة الخارجية المصرية على طلب منظمة فريدم هاوس ، بل إن التقرير كشف عن مستندات أخرى تفيد بحصول بعض الجمعيات والتيارات الإسلامية على أموال خارجية بملايين الدولارات، ويمكن مشاهدة التقرير الإخبارى على الرابط التالى :

http://www.youtube.com/watch?v=6mLNmk8zTv0

- إن القضية كما قلنا وأوضحنا هى سياسية فى المقام الأول ، وإذا حصرناها فقط فى إطار التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى وفصلناها مؤقتا عن أى قضايا أخرى، سوف نكتشف أنها تنم عن خلاف كبير فى وجهات النظر بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بنظرة كل دولة منهما إلى منظمات المجتمع المدنى، ففى الولايات المتحدة وكافة الدول الديمقراطية فى الغرب تلعب منظمات وجمعيات المجتمع المدنى دورا بالغ الأهمية فى تنمية هذه المجتمعات وفى جميع المجالات، بل وتحرص الكثير من الحكومات فى الغرب على تشجيع هذه المنظمات وتقديم سبل الدعم المختلفة لها ومنها الدعم المادى، لكن المشكلة عندنا فى مصر أن الحكومات المتعاقبة وإن كانت ترحب بإنشاء هذه الجمعيات الأهلية المدنية فى الشئون الإجتماعية إلا أنها تصاب بالحساسية إزاء الجمعيات والمنظمات المصرية أو الأجنبية التى تمارس أنشطة سياسية أو تركز فى عملها على قضايا مثل الديمقراطية أو الإصلاح السياسى أو حقوق الإنسان ،..لماذا؟ لأن النظام فى مصر منذ ثورة يوليو عام 1952 وحتى الآن " مثل الفريك ما يحبش شريك" ، فجميع المبادىء الستة لثورة يوليو تم تحقيقها بإستثناء مبدأ واحد فقط ألا وهو " إقامة حياة ديمقراطية سليمة"
وللحديث بقية.

- - - -
كاتب صحفى مصرى كندى
[email protected]