رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشيطان شوك ونار

ربما كان أبيض الوجه ، لكن سواد قلبه يخترق الأفئدة فيصيبها بسهام قاتلة ، يعتقد أن ذكاؤه فوق العادة ، والحقيقة ليس ذكاؤه بل خبثه الذى جبل عليه وأصبح من مكوناته ، وبالتالى يصعب على سليمى النيّة فهمه أو إجتناب شره بأخذ الحيطة والحذر ،

كالزئبق تظن أنك ملكته بحسن الكلم ، فإذا به ينفلت من بين أصابعك ، يخترق بدهائه وتلونه أفقك كله ، يقفز إلى أحلامك ، يعرف مكنونات نفسك ، لكنه يهلل سرا كلما عصفت بأيامك المحن ،  فى أول الصفوف تجده يربت على كفك مستاء لمكروه ألمّ بك فأرّق مضجعه ، يلمحك فتطل من عينيه البشاشة والرضا ، يذيعك الأسرار كأنه يأتمنك ، يشرع لك الباب والشباك لتقبل مثله على الدنيا فضوء الصبح آت بالخير والفرح ، فليس هناك بدّ أن تصبح مثله ، معه تفيض وتستفيض فتظن أنه  سيضئ ليلك المعتم ، يقتنص الفرص ليمنحك المزيد من الأمانى عندما يبدأ بسرد الأيام الأولى للميدان وكيف قضى الليالى السود بين الشباب الثائر والبطش الأعمى يسحقهم ويسرق منهم نور العيون ، كم ساهم فى وأد الجراح ، وداوى الآلام وأحزان الصقيع ، ماكان له أن يترك التحرير دون أن ينشده أبياتا من حرير تعيد له مذاق الألوان ، وألحان شجية للوطن المعذب ، ولمزيد من الإتقان يفتح أمامك حقيبته لتقع عيناك على قميص ينبؤك أن عمر الدماء التى لطخته عامين ، فتنحنى خشوعا للمشهد ، للعطر الذى سال من أجل الحرية ، ثم يحاول أن يهدئ من روعك فيذهب بك بعيدا إلى الأراضى المقدسة فتتبدل مشاعرك حينما تقفز إلى ذاكرتك روحانيات وعبق المكان المقدس ، فكله أخضر وجميل ، لحظات الطواف حول الكعبة المشرفة ، الوقوف على عرفات ، ومناسك الحج التى كتبت له فتحقق حلم حياته ، أما العمرة فتضفى عليه من نور الله سلاما يعيد إليه توازنا وشعورا بالهدوء والسكينة تعيناه على تحمل تلك الأيام الصعبة التى صاحبت ثورة الشرفاء ، يسترسل فى الحوار... ثم تعبر هرّة منهكة من برد وجوع ، فيقوم من فوره لإطعامها ، يقول :  إن أجمل مافى الحياة هو العطاء وحب الخير

،لقد تعّود منذ نعومة أظفاره أن يتصدق لكل ذى حاجة حتى لو كان من أعوازه ، الفقراء يدقون بابه كلما هدهم العوز ، إذن أنت أمام ملاك بلا أجنحة يحمل بين ضلوعه حبا للجميع ، لايبغى إلا مرضاة الله ، فكلما تذكر المساكين هرب النوم من مقلتيه ، لاأحد يشكك فى صدق نواياه، لاأحد يكذبه ،  والأكياس المعبأة بالمواد التموينية لايوزعها فى الخفاء بل يراها القاصى والدانى ، لكن الله الحق أبى أن يظل المنافق والمخادع متماديا فى غيّه ، ظل يكذب حتى بات يصدق كذبه ، فلم تطأ قدمه الميدان حتى من بعيد ، لقد كان مختبئا لايبرح بيته ، يتابع عبر الشاشات مايدور على الأرض فى كافة المحافظات ، وماان اسقط مبارك حتى بدأ يردد أنه الثائر الحق ، لتتكشف بعد ذلك الأمور أن تاريخه محاصر بالرياء والتدليس ، ملوث بالإستغلال والإلتفاف حول فرائسه لينتزع منها ما خطط له بدهاء عجيب، وكل شئ مباح طالما دون جهد ، معجون بالشر والحقد الدفين ، الإنتقام ولو بعد حين يسرى فى عروقه كما النار فى الهشيم ، أما القميص الدامى فربما ملك لأحد الفوارس الذين لم يملأوا الدنيا ضجيجا ورحلوا عنا فى سلام  ، هذا الحاقد لم يعد بإمكانه الإستمرار فى الغناء فلم يعد هناك مصفقون ، لم يعد هناك قطيع ، أما الدجالون المراؤون وسماسرة الأوطان فهم إلى زوال ، هؤلاء هم الشياطين  .