جلس القرفصاء مودعا
مازالت صور الأطفال الذين تمزقت أوصالهم ماثلة العيون ، مازالت بقاياهم على القطار والقضبان ، الكراسات والرسومات الملطخة بالدماء لن تجف مدى الدهر ، حادث أطفال أسيوط طغى على كل الكوارث التى تزامنت معه ، دموع الثكالى والمكلومين تشق عنان السماء ، أب جلس القرفصاء يضم بين جوانحه طفله يقبل وجنتيه ، يهمس إليه بقلب مهزوم
( بدونك أنا جسد بلا روح ، أعتذر ياولدى... ليتنى منعتك حين جاءت حافلة الموت ترجو الإسراع فى اللحاق بها ، فلحقت أنت بالدار الآخرة ، من سيأتى خلفى مناديا ، أبويا خذنى معك ؟ فتتعلق كفك بكفى ، نبتاع خبزا وحلوى ، ثم نعود لتكمل واجبك ، حفظت الكثير من الآيات الكريمة ، كم رددتها على مسامعنا فأبهجت أساريرنا ، لست وحدك ياحبيبى ، زملاؤك الخمسين معك ، أدعوا لنا واشفعوا فينا يوم القيامة ، واطمئن فيوم الحساب العسير قادم لامحالة ، دمك غال وكل نقطة سالت منك ، سترتد خنجرا فى قلب المهمل والكاذب والمنافق والمتسلق ، هؤلاء الذين ماأن جلسوا على المقاعد حتى شوهوا زوايا الفرح فأهدونى غيابك ، تجاهلوا كل تقصير ، ورموا بالمسئولية على العهد البائد ، فإرثهم من الفساد أكبر من المئة يوم التى وعدوا بها ، لم تكن أنت الضحية وحدك ، كل يوم آلاف الضحايا الطيبين ، العيب فيهم أحلامهم فى العيش الكريم أحلام مجنونة ،
طلباتهم لاحدود لها ، الكرامة والعدالة ، دستور مدنى يقودنا للحروف الجديدة ، يدخلنا مدنا على الخرائط المتحضرة ، ينحنى لنا