ظاهرة مقيتة
مامن شك أن تفاقم ظاهرة التحرش بالنساء فى الآونة الأخيرة ترجع إلى تلاشى دور المرأة الحقيقى كشريك فاعل لمجتمع يعانى من الأمية الأبجدية والدينية أيضا ، خاصة بعد ثورة يناير التى أبلت فيها المرأة دورا عظيما ساهم فى إنجاحها ،
فالمطالبة الآن بالعودة إلى عصر الحريم ، عصر المشربية والجلوس فى الدوار إنتظارا (لسى السيد ) الذى حالما وطئت أقدامه البيت ، هرعت نحو الماء تغسل رجليه ، لايتحاوران فى الشأن السياسى والإجتماعى والوطن تحيط به الأخطار من كل اتجاه ، المطالبة بتزويج الفتيات الصغيرات دون أن تنلن أى قسط من التعليم فهو عار على دولة الحضارات ، مناقشة ختان المرأة ممّن يدعون التدين وهم لايدركون حجم الإغتيال النفسى الذى يحيق بأنوثها ، تلك الآفة البعيدة عن الرحمة وليست من الدين فى نفس الوقت ، المهم أن تصبح المرأة ملهاة خلقت من أجل إمتاع الرجل ، فى زمن لم تعد فيه كلمات الغزل والحب المنمق مفتاحا سحريا لغزو قلب المرأة ، فاستبدلت بكلمات عارية فجّة ، أما العيون فتتلصص تنهل من جسدها بهمجية ووحشية ، تخترق حصونها كأنها فريسة ، صيد ثمين فتصاب بالحزن واليأس ، فتجلدها أنّة تطحنها طحن الرّحى ، وأشواك الأذى تنشر ألما وجرحا غائرا قد لايندمل أبدا ، يظل حبيسا فى أى لحظة يتفجر ، يشعر الرجل الآن أنه فى معركة مع المرأة ولابد أن ينتصر ، معركة ليست ناجمة عن سلوك فردى ، بل هى حالة تتولد من أخلاقيات المجتمع نفسه ، مجتمع يعانى تردى الوضع الإقتصادى ، ينمو فيه الفقر والجهل بسرعة فائقة ، ونظرة الى العشوائيات لندرك حجم الخطر . أما المرأة حين تتعرض للتحرش اللفظى أو الجنسى ، فهى تشعر بالإحتقار والمهانة وفقدان