العنيدة
أصرت ألا يزيد الفارق العمرى عن السنتين بينها وبين من يتقدم للزواج منها مازالت بالعشرين ، لديها العديد من شهادات التقدير وتنعم بالعيش الرغيد لاينافسها بنات أوبنين تزوج الجميع لتظل ( هبة ) نور البيت وفاكهته المنعشة حتى جاء من (عزبة السايح ) التابعة لمركز ( ابو تشت ) محافظة ( قنا )
وعن طريق بعض الأصدقاء الذين اقترحوا على ( حسام ) التقدم للأستاذ( نجيب ) فمازالت لديه إبنة فى سن الزواج ، فراقت له الفكرة وتقدم دون أن يرها طالبا يدها ، فوجئ نجيب بتصرف الشاب الذى قرر الزواج فجأة لكنه شعر أيضا بجديته عندما دخل من الباب ، وطلب نجيب مهلة للتفكير وقبل أى خطوة فرأى (هبة ) الأول والأخير ، عرض نجيب الأمر على الأم أولا التى رفضت بشدة فكيف للمهندسة ( هبة ) أن تتزوج رجلا لاتستطيع فهم مفرداته ، وربما انتقلت من القاهرة إلى الصعيد فيصبح من العسير عليها التأقلم مع تلك البيئة التى لم تعايشها إلا فى المسلسلات ، لكن( نجيب) أصر أن يفاتح إبنته فى الأمر وإعطاء فرصة ربما تجد سعادتها مع ابن الجنوب ويطمئن قلب والديها ، صاحت ( هبة ) مستحيل الشباب كثر لن أقبل عريسا لاأعرفه ، إتصل ( حسام ) يطلب زيارة اهل العروس الذين لم يجدوا بدا من الترحيب ، سيحل ضيفا كريما ولنترك أمر الزواج جانبا ، كانت الأم فى حيرة من أمر هذا الشاب الذى ترك بنات بلده وتجشم عناء السفر والبحث عن قاهرية ، وفتحت له الباب فى شوق لمعرفة تلك الشخصية التى مازالت متمسكة بالعادات التى عفى عليها الزمن ، دلف إلى الصالون ورحب الوالدان ، لكن مالفت انتباههما تلك اللهجه الدالة على أنه لم يبرح الصعيد لحظة ، وشعرت الأم أن الموضوع لن يتعدى حدود الزيارة وواجب الضيافة ، ومنعا لإحراج أبو هبة ألحّت علي ( هبة ) ألا تطيل الجلوس فخمس دقائق كافية وبعدها تعود غرفتها تستكمل مشروع تخرجها فله الأولوية الآن ، والرد جاهز ( كل شئ نصيب ) وعلى مضض قبلت ( هبة ) أن تلقى السلام ، فى تلك الأثناء حاولت أم هبة أن تجهز مشروبا بارادا جديدا ، تبعته بمشروب ساخن ، وحان موعد العشاء فاقترحت الأم مكانا على النيل أما ( هبة ) فلم تبرح مقعدها ، بات ( حسام
فى السابعة من صباح اليوم التالى دق الباب مجددا فمن يتوقع أن ( حسام ) حمل الورود والحلوى طالبا يد هبة والناس نيام ، إختارت هبة فستانا بمبيا وتخلصت من ذيل الحصان والجينز ، وراحت تستقبله كأنما لم يفترقا كل السنين ، قبل أن ينتصف النهار عائدا إلى الصعيد راح يسأل عن محل للمجوهرات فاشترى سلسلة ودلاية طوق بهما عنق هبة التى رفعت شعرها لتمكنه من غلقها ، عند المحطة ودعها وترقرق دمع الفراق ودار الحوار بين الأم والعروس
- كل هذا الحب بعد أقل من يومين ؟
- لم يعرف لهذا الحب عمر أو مدى ، هل الفجر لؤلؤة ، ماأعجب مايأتى به القدر ، نثر الورد حولى ياأمى قال : لاشئ يشبهنى ، كلامه عذب رقيق ، نسج من أمانىّ أحلاما براقة وملأ عروقى بالحنين ، كعبق الزهر حلو المحيا كريم يشع بهجة وضياء ، فحلقت بين النجوم وانطلقت بلا قيود ، بالإحتواء أخرجنى من عتمات النفس ودبيب الخوف فأضاء كل حروف الصمت
- وماذا عنه ؟
- قال لى : أتيت ياحبيبتى من فم الوجود كالليلة القمراء كارتجاف الهوى فى دوح العطور ، صوتك دافئ كشراع ضمه الأفق ، كم عانيت فى سفرى الطويل ، سأمزق أوراق الأمس ، ألملم اوراق عمرى ، على أعتابك جفت عبراتى ، ياغاية القلب فى شوق للمواعيد ، هل تقبلين سقفا يأوينا ؟
ورغم أن الفرق فقد زاد عن السنتين عشر سنين ، تزوجا وأنجبا طفلين .