طبيب
عاودتها آلام القولون لكن هذه المرة لم يعد الألم يحتمل ، ظلت ( أم فوزى) تتناول بعض من النعناع ربما هدأ من الوجع فهى بطبيعتها لاتشكو حتى لاتزعج أولادها وأحفادها ، لكن لا النعناع أو الكمون إستطاعا أن يحققا أدنى نتيجة ، وبدأ الليل يزحف ، والمسن بطبيعته يخشى الوحدة والمرض مما إضطرها
للإتصال بإبنتها التى تسكن على مقربة فأتتها على عجل ، واقترحت إستدعاء الطبيب وليكن الدكتور( ممدوح ) الذى تربطه بهم صلة قرابة ، دقائق إستسلمت فيها
(أم فوزى ) لإبرة مسكنة وراحت تغط فى نوم عميق ، وارتأى الدكتور( ممدوح ) أن زميله (عبد الفتاح والى ) أستاذ الجهاز الهضمى لايشق له غبار ، فترك له رسالة توصية كى يفعل اللازم مع قريبته ، فى الميعاد إستندت العجوز على ذراع الإبنة ، بعد التحية والسلام من أم فوزى ورسالة صديقه ممدوح ، بدأ الدكتورعبد الفتاح سلسلة من الإجراءات
- ألف سلامة عليك ياحاجه مطلوب منك أشعة بالصبغة ، مركز أشعة الدكتورة ( منى ) بالدور الرابع فى نفس العمارة ، أما التحاليل فلا أثق إلا فى معمل الدكتور أيمن فى الدور السادس
- مبدئيا أنا عندى إيه يادكتور ؟
- قبل الأشعة والتحاليل من الصعب الإجابة على سؤالك وخير انشاء الله
- لكن يادكتور ليس معى المبلغ الآن ، أيمكننى الإنتظار للغد ؟
- يمكنك.... لكنى لست مسئولا إذا تفاقمت الحالة
- أقلقتنى .... إلى هذا الحد هناك خطورة
- الله أعلم
- لدى فكرة .... هل يمكنك الإتصال بالمعمل والأشعة كى لاأضيع الوقت تعلمهما أننى من طرفك فأدفع الآن جزء وعند استلام النتائج أكون قد جهزت باقى الحساب
- آسف ربما لايوافقان
- هل يمكننى أن أترك لك أساورى ؟
وافق الطبيب على الإقتراح وعندما بدأت فى نزرع أساورها التى لم تبدلها منذ زواجها بدا الألم واضحا ، فقام بإحضار كيس بلاستيك شفاف وعاونها إسورة تلو الأخرى ، فى دولاب غرفة الكشف أخفى ذهب ( أم فوزى) بين طيات الكتب ثم أغلقه بالمفتاح ، رفع سماعة الهاتف مرتين وتكلم بصوت خفيض ، ثم طمأنها ان المعمل والأشعة فى انتظارها الآن ، أجرت أم فوزى المطلوب منها على أمل إستلام النتائج فى اليوم التالى ، فى المساء حضر فوزى وزوجته وحفيداه بعدما نما إلى علمه الوعكة التى تعرضت لها أمه
- خير ياماما ....آسف تأخرت عليك الطرق مزدحمة والجو نار
- ليه يابنى كلفت نفسك وجيت من آخر الدنيا
- سلامتك ( ياتيته )
- الدكتور طمنك ؟
- طلب منى أشعة وتحاليل ، وتعرضت لحرج شديد لم أعمل حسابى جيدا لكنى تركت له الغوايش
- الغوايش الذهب الأربعة اللى كانوا فى إيدك ؟
- إسمه ايه الدكتور ده ؟
- ليه يابنى ؟ مكنش معايا اللى يكفىّ ، ده ابن حلال خايف عليّه وكان مستعجل على النتايج علشان يطمنى
- إسمه ايه ؟
- عبد الفتاح والى
- العيادة فين ؟
- فى برج ( الكوثر ) خلف الجامعة
نصف ساعة وكان فوزى فى العيادة المكتظة بالمرضى والمرافقين طلب مقابلة الدكتور فأجابه الممرض
لن يمكنك الآن.... إنتظر حتى ينتهى من جميع الكشوفات تعليمات الدكتور واضحة وصريحة ، لفت نظر فوزى صورتين لاتخطئهما العين للطبيب مع ثوار التحرير بالبالطو الأبيض رافعا شارة النصر والعلم بيمينه ، وأخرى يحتضن فيها الدكتور( أحمد حرارة ) الذى أهدى مصر نور عينيه وأصبح رمزا للفداء
ظهرت علامات الضيق والتوتر على وجه فوزى الذى إرتفع صوته وامتدت يده ممسكا بمقبض الباب فمنعه الممرض بالقوة وكادا يشتبكا بالأيدى ، تعالت الدهشة وجه المرضى ، وأمام إصرار فوزى فتح الطبيب بابه ليستعلم عن الأمر
- إنت عبد الفتاح ....هات الغوايش يالص
- من هول الصدمة حاول أن يهدئ من روعه فأدخله غرفة الكشف وفوزى مستمرا فى الصراخ ...
- .ياظالم ....ربنا هيعمل ايه تانى هى دى أخلاق الميدان ؟
- من فضلك إخفض صوتك لاداعى للفضايح ، ثم قام بفتح الدولاب لتمتد يدا فوزى تنتزعا ذهب أمه ، خرج مسرعا تاركا الباب مفتوحا وظل يلعن أطباء هذا الزمان فاستوقفه أحد المارة عند نزوله مسرعا ، بعد حوار قصير علم فوزى أن طبيبة الأشعة حرم الدكتور عبد الفتاح ، وأن الدكتور أيمن إبنه البكر