رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لم ينج أحد !

إفترش الأرض بعدما غلبه النعاس فارتكن إلى جوار الحائط وغفل قليلا ، ضوضاء وصراخ ، تراشق بين الأفراد يتدخل البعض الآخر لفض الإشتباك   بعض المطاعم تفرض موسيقاها وأغانيها الصاخبة التى تزيد من توتر الأعصاب ،

عمال يهرولون نحو بعض المغادرين أو القادمين الذين ينبئ مظهرهم أنهم ميسورون ويمكنهم  أن يدسون فى جيوبهم بعض الدنانير أو الريالات  ،إنتظر الرحلة القادمة من جدة لم يأت ( محمود ) ساوره الشك راح يجوب الحاج ( على ) أرجاء المطار يسأل لماذا لم يأت ولده هل تبدل الميعاد أم أخطأ الفهم فربما سيأتى على الخطوط السعودية ؟ تسارعت دقات قلبه  ، لكنه تذكرعلى الفور أن سامى ترك له هاتفه عندما زاره بقرية ( ميت خميس ) لإيصال الحقيبة التى أرسلها محمود لإخوته فى بداية العام الدراسى
وسرعان ماتحدث اليه
-        ياسامى يابنى انتظر أخوك محمود منذ الصباح
-        ياحاج ( على  ) محمود سافر على المركب وطلب منى أبلغك
-        المركب اللى غرقت أسترها يارب ، سمعت الخبر من الناس الآن
خذلته قدماه وتهاوى أرضا يدق الصدر والرأس.... محمود ، محمود
دارت الدنيا وكأن صخور العالم  فوق رأسه ، جف حلقه خانته أطرافه ، ساعتين وكانت ( ميت خميس ) كلها تطوق الحاج( على  ) أقلتهم الميكروباصات إلى سواحل البحر الأحمر ، الآف البشر الذين هرعوا يبحثون عن ذويهم جلهم من الصعيد بعض النساء بأردية سوداء فى انتظار الأمل ربما جاء البعيد سابحا فتطلقن الزغاريد ، وأخريات الرعب  ينهل من عيونهم المكتوية بنار الخوف ربما جاء الولد طافيا فيكتب عليهن السواد للأبد ، وقف الحاج على بين هؤلاء وهؤلاء ينادى فى البحر محمود أنا هنا ياابنى
وفرق الإنقاذ والمسئولين يطلبون من الأهالى الإبتعاد حتى لايعطلون سير البحث عن الناجين والمفقودين ، قالوا مالت المركب على أحد جانبيها فتدافع الركاب هلعا ، العيب فيهم لماذا تكدسوا فى جانب واحد ألم يفهموا أن التوازن مطلوب فى تلك الأمور ؟
صاحب المركب إنسان عطوف أبى إلا أن يركب الجميع ليلحقوا بأولى أيام الشهر الفضيل ، كلما كان هناك متسعا فلن يضن بلم الشمل ، هذا نصيبهم قدرهم ،مكتوب لهم والمكتوب ليس

منه هروب ، لااعتراض على أمر الله أما أطواق النجاة فلم تكن على مايرام ، تجمعت الحيتان حول السفينة بشكل غير عادى فتحت شهيتها رغم أنها لم تشعر بالجوع ،  تذوقت هذا النوع قبلا واستساغته ، ومن حولها راحت أسماك القرش تبحث عن القطع التى لم تجوسها الحيتان ،  وماأن بدأ العمل الدئوب  حتى إنهار من جهز التابوت 
وهذا مقشعرأصابه الموج بالهلع فالتحف البطانية وأعطي له الشال أيضا ، والحاج ( على  ) يسف الرمال يضرب خديه كلما حل المساء ، حاول الأهل والجيران يبثون فيه الروح
( أنت مؤمن بقضاء الله وقدره ) اليوم أول رمضان ،  لو لم يعد ولدك فالعشرة أيام الأولى من رمضان هى ( رحمة ) للمتوفى فلتفرح ...هذه نعمة كبيرة نحسدك عليها ياحاج
كانت المصيبة أكبر من عمرالحاج ( على ) الذى جاوز الخمسة وسبعون ، لم يسمعهم وظل ينادى على ولده ، مضى أسبوعه أمام السواحل فيما إنفض الناس من حوله لم يستطع أن يسلم أمره لله كما نصحوه فيعود خائبا، وخلا المكان من أى مسئول غير مسئول ، كان جزء ضئيل من المركب ظاهر للعيان ويدا الحاج (على) للأعالى تنادى ياابنى ، وصل الى مسامع أحد الرعاة أنين أبو محمود
-        إرجع لم يعد هناك ناجون
-        من غير محمود  ؟ رجعونى (  برجل والا أيد )
-        ياعم الحاج  إحنا لسه بنصرخ  ( المركب بتغرق ياريس مرسى )