بئس الذكريات ....!
من منا لم يبتهج بقيام ثورة يناير ؟ من منا لم يتعرض للظلم والقهر قبل هذا التاريخ المجيد ؟ حتى الأغنياء الذين لم يعرفوا للطوابير طريقا هم أيضا كانوا تعساء ، حزانى للخواء الفكرى الذى تسلل إلى عقولهم فتبلدت مشاعرهم ، حصروا حياتهم فى المأكل والملبس ،
المنتجعات والقصور الشاليهات والفيلات ، النوادى والحفلات الصاخبة ، مراكز التجميل وأطعمة القطط والكلاب وأن إستيرادها لم يعد رفاهية إنما واجب على الدولة أن توفره ، ثم الضحك على أتفه الأسباب ، مشاعر الإحباط كانت سمة تلك الحقبة الفاشلة ، وجميعنا يعلم أن الوضع القائم من الصعب بل من المستحيل تغييره ، فإما أن يرضى وينافق بل ويهادن السلطة فالمنفعة الخاصة أبقى وأهم بالنسبة له ولإستثماراته ، أو يعترض سرا على إعتبار أن ( للحيطان ودان ) و ( خلينا نربى العيال ) ، اليوم كنت فى حوار مع أحد الزملاء فى الوفد ، تذكرنا كيف كان الحزب الوطنى حزبا طاغيا طامعا فى مقدرات الوطن وهم حفنة المنتفعين عديمى الضمير ، كيف كان يتم إختيار أعضاءه فمعيار النزاهة والكفاءة والولاء للوطن غائب دوما ، كانوا من خدام النظام الذين يدينون بالولاء لمبارك وولده جمال ، وفى المقابل كان هؤلاء الأعضاء يتعالون على الشعب ، يسيرون فى خيلاء وكأن مقاليد الحكم بين أيديهم يوجهونها الوجهة التى تخدم مصالحهم ، وياويل من يقع تحت قبضتهم ، أو من أذله الزمان فشعر بالإحتياج الى خدماتهم ، كان الدفع وسيلة لإنهاء الخدمة ويابخت من نفع واستنفع ، وكيف ننسى نائب الحشيش ونائب القمار ، عدت بالذاكرة الى ماقبل الثورة أتذكر بعض أعضاء مجلسى الشعب والشورى وهم يتقدمون موكب المحافظ لتهنئة الأقباط بالعيد فى الكاتدرائية ، محاطون بمجموعة من صغار الموظفين والأتباع من أعضاء المجالس المحلية ، وعندما يترجل أحدهم أو يهم بالوقوف يجد أن المجموعة تهرع نحوه تطوقه كما لو كان عنتره بن شداد سوف يلقى قصيدة رقراقة عصماء فى بنى عبس ، لماذا كنت أضيق بهؤلاء ؟ ربما من كم الغرور والتعالى على البشر ، وأتذكر فى إحدى المرات ونحن نحتفل بالعيد صباحا فى الكنيسة إتصل أحد المعارف يطلب أحد أعضاء الحزب الوطنى المتواجدين من أجل التهنئة ولما نادوه من فضلك مكالمة هاتفية فى إنتظارك فأجاب بملء الفم أنا لاأرد على أى كان ( فكل معارفى ومكالماتى التى أرد عليها من وزير وطالع ) إلى هذا الحد كانوا جبروتا وصلفا وعنادا ولم لا فأستاذهم ورئيس قسمهم حصل على الدكتواراه فى العناد مع مرتبة الشرف فى الغباء
تذكرت إفطار الوحدة الوطنية المزعوم والمدعوم من قداسة البابا شنوده (نيح الله روحه ) صاحب هذه الفكرة والتى صارت تقليدا يقام فى كل المحافظات فى شعر رمضان المبارك ، كانت مناسبة لتبادل الكلمات المتلونة الكلمات الباهتة المخادعة وكم كنا نتسابق نحن أيضا لشكر مبارك الشكر الجزيل وعظيم الإمتنان الذى منّ علينا بالسابع من يناير أجازة رسمية وكأنه عمل بطولى يستحق الثناء فى الليل قبل النهار ، علينا ان ندعو الله كل لحظة أن يبقيه لنا أعواما وأزمنة عديدة ، كان المنافقون يتشدقون بالكلمات الرنانة التى لا تسمن أو تغنى من جوع ، ونحن بدورنا نمارس نفس الطقس كلنا يرائى حسبى الموقف ، نرائى من تخضبت يداه بدم الأبرياء ، لم يكن ليأتونا